الْمُرْسَلِينَ) [الصافات : ١٨١]. ويحتمل الأمر بالسلام على أصحابه وجميع المؤمنين ؛ كقوله
: (وَإِذا جاءَكَ
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) [الأنعام : ٥٤] ، أمر رسوله بالسلام على المرسلين وعلى أصحابه وعلى
المؤمنين.
ثم في قوله : (اصْطَفى) دلالة : أن لا أحد يستوجب الصفوة إلا بالله ؛ حيث قال :
(اصْطَفى).
وقوله : (آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) أي : الذي فعل هذا بالأمم الخالية من الهلاك للأعداء
وإبقاء الرسل والأولياء ، أم الأصنام التي تشركون في عبادته ، وهي لا تملك شيئا من
ذلك؟ يقول ـ والله أعلم ـ : إنكم تعلمون أن الله يملك ما ذكر من إهلاك أعدائه
وإبقاء رسله ، والأصنام التي تعبدونها دونه لا تملك شيئا ، فكيف تشركونها في
ألوهيته؟! وإلا لم يذكر جواب قوله : (آللهُ خَيْرٌ أَمَّا
يُشْرِكُونَ) جوابه أن يقولوا : بل الله خير.
وكذلك روي في
الخبر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ إن ثبت ـ : أنه كان إذا قرأ هذه الآية ، قال : «بل
الله خير وأبقى وأجل وأكرم» .
وقوله : (أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ
وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ) : يذكرهم بهذا ؛ لوجهين :
أحدهما : يذكر
قدرته وسلطانه في خلق ما ذكر من السموات والأرض ، وإنزال الماء من السماء ، وإنبات
النبات من الأرض ، وإخراجه على إقرارهم أن الله خالق ذلك لا غيره ، فيقول : فإذا
علمتم أن الله هو خالق ذلك كله ، فكيف أشركتم غيره ممن لا يملك ذلك ، ولا يقدر في
تسمية الإلهية والعبادة؟!
والثاني : يخبر
عن اتساق الأمور والتدبير فيهما جميعا ، واتصال منافع أحدهما بالآخر ، على تباعد
ما بينهما ؛ ليعلم أن منشئهما ومدبرهما واحد لا عدد ، فإذا عرفتم ذلك فكيف أشركتم
غيره فيهما؟! وهو كقوله : (لَوْ كانَ فِيهِما
آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [الأنبياء : ٢٢].
وهذا الحرف على
الثنوية والدهرية وهؤلاء لقولهم بالعدد وإنكارهم الواحد ، والأول على المقرين
بالواحد إلا أنهم أشركوا الأصنام في التسمية والعبادة.
وقوله : (حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ) : قال بعضهم : الحدائق : الحيطان ، والبساتين : ما دون الحيطان.
وقال بعضهم :
الحدائق : الحوائط التي خصت بالأشجار ، والبساتين : هي الملتفة بها.
__________________