وقيل : انقلبوا بنصر من الله والغنيمة ، ويحتمل : النعمة من الله : الأمن من العدو ؛ لأن المنافقين كانوا يخوفونهم بقولهم : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) ، ويحتمل : النعمة : الجنة ، وفضل الزيادة على ذلك.
وقيل : انصرفوا بأجر من الله وفضل ، وهو ما تشوقوا به من الشوق (١) :
(لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ)
ولا قتل ، ولا هزيمة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ)
أي : اتبعوا العمل الذي به رضوان الله ، ورضاء رسوله صلىاللهعليهوسلم.
وقيل : اتبعوا طاعته ورضاه.
ويحتمل قوله : (بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ) : الزيادة في الإيمان ، وهو الصلابة والقوة فيه.
وقوله : (لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) : مما كانوا يخوفونهم بقوله : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ).
ويحتمل قوله ـ تعالى ـ : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ) ، أي : رجعوا بمحمد ، صلىاللهعليهوسلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ)
يخوف أولياءه وأعداءه ، لكن أعداءه لا يخافونه ، وأولياؤه يخافونه ؛ كقوله : (إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ) [يس : ١١] : ومن لم يتبع ، لكن من اتبع الذكر كان يقبل إنذاره ، ومن لم يتبع الذكر لا ؛ وإلا [فإنه] كان ينذر الفريقين جميعا ؛ فعلى ذلك الشيطان كان يخوف أولياءه وأعداءه جميعا ، لكن أعداءه لا يخافونه ، وأولياءه يخافونه.
ويحتمل قوله : (يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) ، أي : بأوليائه ، وجائز هذا في الكلام ؛ كقوله : (وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ) [الشورى : ٧] ، أي : بيوم الجمع ؛ ألا ترى أنه قال : (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ) [الأنعام : ١٢١] ؛ فعلى ذلك قوله : (يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) ، أي : بأوليائه ، والله أعلم.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : يخوفكم أولياءه (٢) ، وهذا يؤيد تأويل من يتأول : يخوف بأوليائه ، والله أعلم.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٧ / ٤١٤ ، ٤١٥) (٨٢٥١ ، ٨٢٥٢) عن مجاهد ، وعن السدي بمعناه : أخرجه ابن جرير (٧ / ٤١٥) (٨٢٥٥).
(٢) أخرجه ابن جرير (٧ / ٤١٦) (٨٢٥٨) ، وعن ابن إسحاق : أخرجه ابن جرير (٧ / ٤١٦) (٨٢٥٩) ، وعن سالم الأفطس (٧ / ٤١٦) (٨٢٦٠).