سؤال : «مم (١) ينفق؟» فى قوله تعالى : (قُلِ الْعَفْوَ) [البقرة : ٢١٩] ، فيكون على ما ذكر. والله أعلم.
ويدل لما قلنا ، أنه كان ثم سؤالان ، أن أحدهما : «عما ينفق» والآخر : «على من ينفق» ، ما روى عن عمرو بن الجموح الأنصارى (٢) ، رضى الله تعالى عنه ، أنه قال : يا رسول الله ، كم ننفق؟ وعلى من ننفق؟ فأنزل الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ ..).(٣) الآية.
ثم اختلف فى هذه النفقة :
قال بعضهم (٤) : هذه النفقة كانت تطوعا ، فنسخت بالزكاة.
وقيل : هذه النفقة صدقة يتصدقون بها على الوالدين والأقربين الذين يرثون ، فنسختها آية المواريث.
وقيل : فيه الأمر بالإنفاق على الوالدين والأقربين عند الحاجة ، وكان هذا أقرب. والله أعلم. وفيه دلالة لزوم نفقة الوالدين والمحارم.
قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٢١٦) يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢١٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٢١٨)
وقوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
والكراهة المذكورة هاهنا والمحبة : هى كراهة الطباع والنفس ، [ومحبة الطباع
__________________
(١) فى ب : ثم.
(٢) عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصارى السلمى ، من بنى جشم بن الخزرج. شهد العقبة ، ثم شهد بدرا ، وقتل يوم أحد شهيدا ، ودفن هو وعبد الله بن عمرو حرام فى قبر واحد ، وكانا صهرين. ينظر الاستيعاب (٣ / ٢٥٣) (١٩٢٥).
(٣) أخرجه ابن المنذر كما فى الدر المنثور (١ / ٤٣٧).
(٤) قاله السدى وابن جريج وابن أبى نجيح وابن زيد ، أخرجه ابن جرير عنهم (٤٠٧١ ، ٤٠٧٢ ، ٤٠٧٣ ، ٤٠٧٤) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٤٣٧).