والمنكر : هو التكذيب ، فهو أنكر المنكر» (١).
وعن علي ـ رضي الله عنه ـ [أنه](٢) قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء» ، قلنا : يا رسول الله ، وما هو؟ قال : «نصرت بالرّعب ، وأعطيت مفاتيح الأرض ، وسمّيت أحمد ، وجعل التّراب لى طهورا ، وجعلت أمّتى خير الأمم» (٣).
قال الشيخ ـ رحمهالله ـ : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ) له وجهان :
أي : (كُنْتُمْ) على ألسن الرسل في الكتب المتقدمة خير أمة.
ويحتمل : أي : كنتم صرتم بإيمانكم برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، واتباعكم ما معه ـ خير أمّة على وجه الأرض ؛ لأنهم
آمنوا ببعض ، وكفروا ببعض.
وقوله : (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) : يتوجّه إلى وجوه ثلاثة :
المعروف : هو المعروف في العقول ، [أي](٤) : الذي تستحسنه العقول ، والمنكر : هو الذي قبحته العقول وأنكرته.
ويحتمل أن يكون المعروف : هو الّذى عرف بالآيات والبراهين أنه حسن ، والمنكر : [ما عرف بالحجج ؛ أي : أنه قبيح.
ويحتمل أن المعروف : هو الذي جرى على ألسن الرسل أنه حسن ، والمنكر :](٥) هو الذي أنكروه ونهوا عنه.
فعلى هذه الوجوه يخرج تأويل الآية ، والله أعلم.
وقوله : (وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ)
لا شك أن الإيمان خير لهم من الكفر ، ولكن معناه ـ والله أعلم ـ أنهم إنما أبوا الإيمان وتمسكوا بالكفر لوجهين :
أحدهما : أنهم كانوا أهل عزة وشرف فيما بينهم ، وأهل دراية ؛ ينتاب إليهم الناس ، ويختلفون إليهم بحوائجهم ، فخافوا ذهاب ذلك عنهم إذا آمنوا ، فأخبر الله ـ عزوجل ـ أنهم إن آمنوا لكان [خيرا](٦) لهم من الذكر والشرف والعزّ في أهل الإيمان أكثر مما لهم في أهل الكفر ؛ ألا ترى أنّ من آمن منهم من درسة الكتاب وعلمائهم ـ كان لهم من الذكر
__________________
(١) تقدم تخريجه وهو تتمة الأثر السابق.
(٢) سقط من ب.
(٣) أخرجه أحمد (١ / ٩٨) ، وحسنه السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١١٤).
(٤) سقط من ب.
(٥) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٦) سقط من ب.