وقيل : الإضلال : الإهلاك.
وقيل : الإضلال : هو التحير ، وكل ضال طريقا فهو متحير تائه ، (وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) أي : ما يهلكون إلا أنفسهم وما يخملون إلّا ذكر أنفسهم.
(وَما يَشْعُرُونَ)
أي : وما يشعرون أنهم يهلكون أنفسهم ، أو يحيرون ، وما يشعرون ما ذا عليهم فيما ودّوا من أليم العقاب (١) ، والله أعلم.
ويقال : نزلت في عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه.
وقوله : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ).
قوله : (وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) : يحتمل وجوها :
يحتمل : وأنتم تشهدون تلك الآيات ، وتعاينونها ، وتعلمون أنها آيات ، لكن تكابرون وتعاندون ، ولا تؤمنون بها.
ويحتمل : (وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) ، أي : وأنتم تعلمون ما في التوراة والإنجيل : من بعث محمد صلىاللهعليهوسلم وصفته ـ أنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم أفضل [المخلوقات](٢) ، وأنه حق ، ولكن لا تتبعونه.
وقيل : (وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) ، أي : تعلمون أنها آيات ؛ والآيات تحتمل : القرآن ، وتحتمل : رسول الله محمدا. وتحتمل غيرها من الآيات التي جاء بها.
وقال بعضهم : لم تكفرون بدين الله ، وأنتم تعلمون بدلالة الخلقة ، وشهادة كتبكم أن دين الله وتوحيده حق (٣)؟!.
وقوله (٤) : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) :
في الآية دلالة جواز هتك الستر ، وإفشاء المكنون والمكتوم من الأمر ؛ إذا (٥) كان في ذلك تحذير لغيرهم عن مثله ، وترغيب لهم في المحمود من الفعل.
ثم فيه دلالة إثبات رسالة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنه يخبرهم عما كانوا يكتمون ويسرّون فيما بينهم ، وذلك من اطلاع الله إياه على ذلك. (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) : ذلك ؛ ألا ترى أنهم لم يتعرضوا له بشيء من ذلك ، فيقولوا : متى كتمنا الحق ، ومتى لبسنا الحق بالباطل؟! فدل
__________________
(١) ينظر : تفسير الرازي (٨ / ٨٠) ، واللباب في علوم الكتاب (٥ / ٣١١).
(٢) سقط من ب.
(٣) ينظر : تفسير الرازي (٨ / ٨١) ، واللباب (٥ / ٣١٢).
(٤) في ب : قوله.
(٥) في ب : إذ.