الخبر على أن النهى فى الموضع الذى فيه الأذى. دليله : أول الآية : (قُلْ هُوَ أَذىً).
وحجة أبى حنفية ، رضى الله تعالى عنه ، ما روى أنه قال : لها ما تحت السرة ، وله ما فوقها ، وما روى أن أزواج الرسول صلىاللهعليهوسلم إذا حضن أمرهن أن يتزرن ثم يضاجعهن (١).
وأما محمد ، رحمهالله تعالى ، فإنه ذهب إلى ما ذكرنا : أنه ينهى عن قربان ذلك الموضع للأذى ، وأما الموضع الذى لا أذى فيه فلا بأس. ويجوز أن ينهى عن قربان هذه الأعضاء من نحو الفخذ وغيرها ؛ لاتصالها بالموضع الذى فيه الأذى.
ويحتمل أن يكون ذكر الإزار كناية عن الموضع الذى فيه الأذى ؛ وعلى ذلك روى عن عائشة ، رضى الله تعالى عنها ، أنها سئلت : عما يحل للرجل من امرأته وهى حائض؟ فقالت : «يحل له كل شىء إلا النكاح» (٢). وسئلت : عما يحل للمحرم من امرأته؟ فقالت : لا يحل له شىء إلا الكلام.
وقوله : (وَلا تَقْرَبُوهُنَ) أى : لا تجامعوهن.
(حَتَّى يَطْهُرْنَ) فيه لغتان :
فى حرف بعضهم (يَطْهُرْنَ) بضم الهاء وتخفيفها (٣) ، وفى حرف آخرين بتشديد الهاء وفتحها :
فمن قرأ بالتخفيف فهو عبارة عن انقطاع الدم ، ومن قرأ بالتشديد فإنه عبارة عن حل قربانها بعد الاغتسال.
ثم من قول أصحابنا ـ رحمهمالله تعالى ـ : إن المرأة إذا كانت أيامها عشرا تحل لزوجها أن يقربها قبل أن تغتسل (٤) ، وإذا كانت أيامها دون العشر لم يحل له أن يقربها إلا
__________________
(١) فى الباب عن عائشة وميمونة.
حديث عائشة :
أخرجه البخارى (١ / ٥٣٦) كتاب الحيض ، باب مباشرة الحائض (٢٩٩ ، ٣٠٠ ، ٣٠١ ، ٣٠٢) ، ومسلم (١ / ٢٤٢) ، كتاب الحيض ، باب مباشرة الحائض (١ / ٢٩٣).
حديث ميمونة :
أخرجه البخارى (٣٠٣) ، ومسلم (٣ / ٢٩٤) فى الكتاب والباب السابق.
(٢) أخرجه ابن جرير من (٤٢٤٥) إلى (٤٢٥١) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٤٦٣).
(٣) ينظر : اللباب (٤ / ٧٤) ، وشرح الطيبة (٤ / ٩٩) ، والعنوان (٧٤) ، وإتحاف الفضلاء (١ / ٤٣٨).
(٤) ذهب جمهور الفقهاء ـ المالكية والشافعية والحنابلة ـ إلى أنه لا يحل وطء الحائض حتى تطهر ـ بانقطاع الدم ـ وتغتسل. فلا يباح وطؤها قبل الغسل ، قالوا : لأن الله تعالى شرط لحل الوطء شرطين : انقطاع الدم ، والغسل ، فقال تعالى : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) أى : ينقطع دمهن (فَإِذا تَطَهَّرْنَ) أى : اغتسلن بالماء (فَأْتُوهُنَّ). وقد صرح المالكية بأنه لا يكفى التيمم لعذر بعد انقطاع الدم فى حل الوطء ؛ فلا بد من الغسل حتى يحل وطؤها. وفرق الحنفية بين أن ينقطع الدم لأكثر مدة ـ