١٥٠] ، وقوله : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ) [المائدة : ٩٧] أى : مقاما لقيام العبادات.
وقوله : (وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ).
فيه الأمر ببنائه.
وقوله : (أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ).
يحتمل التطهير لوجهين :
أحدهما : عن الأصنام والأوثان التى كانت هنالك ، وعبادة غير الله والأنجاس.
ويحتمل : التطهير عن كل أنواع الأقذار ، وعن كل أنواع المكاسب ، على ما روى فى جملة المساجد.
وقوله : (لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ).
قيل (١) : الطائف : هو القادم ؛ سمى طائفا لدخوله بطوافه.
وقيل : الاستحباب الطواف ؛ لذلك قال أصحابنا ـ رحمهمالله ـ الطواف للقادم أفضل من الصلاة (٢). والصلاة للمقيم أفضل.
__________________
ـ وأحمد (١ / ٢٣ ، ٢٤ ، ٣٦) ، والترمذى (٥ / ٧٤) ، كتاب التفسير ، باب (ومن سورة البقرة) (٢٩٦٠) ، وابن ماجه (٢ / ٢٣٩) ، كتاب إقامة الصلاة ، باب القبلة (١٠٠٩) والنسائى فى الكبرى (٦ / ٢٨٩ ـ ٢٩٠) ، كتاب التفسير ، باب قوله تعالى : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى).
(١) قاله سعيد بن جبير بنحوه ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠١٩) ، وانظر تفسير البغوى (١ / ١١٤).
(٢) ويسمى طواف القادم : طواف الورود ، وطواف الوارد ، وطواف التحية ؛ لأنه شرع للقادم والوارد من غير مكة لتحية البيت. ويسمى أيضا : طواف اللقاء ، وأول عهده بالبيت ، وطواف القدوم سنة للآفاقى القادم من خارج مكة عند الحنفية والشافعية والحنابلة ، تحية للبيت العتيق ؛ لذلك يستحب البدء به دون تأخير ، وسوى الشافعية بين داخلى مكة المحرم منهم وغير المحرم فى سنية طواف القدوم. وذهب المالكية إلى أنه واجب ، من تركه لزمه الدم. ووجوب طواف القدوم عند المالكية على كل من أحرم من الحل ، سواء كان من أهل مكة أو غيرها ، وسواء كان إحرامه من الحل واجبا كالآفاقى القادم محرما بالحج ، أم ندبا كالمقيم بمكة الذى معه نفس متسع من الوقت وخرج من الحرم فأحرم من الحل ، وسواء كان أحرم بالحج مفردا أم قارنا ، وكذا المحرم من الحرم إن كان يجب عليه الإحرام من الحل ، بأن جاوز الميقات حلالا مخالفا للنهى. وهو واجب على هؤلاء ما لم يكن أحدهم مراهقا ، وهو من ضاق وقته حتى خشى فوات الوقوف بعرفات. والأصل فيه فعل النبى صلىاللهعليهوسلم كما ثبت فى أول حديث جابر قوله : «حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا» ، وعن عائشة ـ رضى الله عنها ـ : «إن أول شىء بدأ به حين قدم النبى صلىاللهعليهوسلم مكة أنه توضأ ثم طاف ...» الحديث. فاستدل المالكية بذلك على الوجوب بقوله : «خذوا عنى مناسككم». وقال الجمهور : إن القرينة قامت على أنه غير واجب ؛ لأن المقصود به التحية ، فأشبه تحية المسجد ، فيكون سنة.
ينظر : المسلك المتقسط فى المنسك المتوسط ص (٥١ ـ ٥٢)