أي إلّا أهل الضرر منهم ، بذهاب أبصارهم وغير ذلك من العلل الّتي لا سبيل لأهلها إلى الجهاد ، للضّرر الّذي بهم. والمراد من الضرر هنا هو النقصان من عمًى أو مرض.
وأمّا الضّرار ، فهو من فروع الظّلم والتعدّي على النفوس والحقوق والأموال ، وعلى ذلك فهو محكوم بالقبح عقلاً وبالحرمة شرعاً.
وقد وردت هذه الكلمة وما اشتقّ منها في الآيات القرآنيّة التّالية :
* * *
٢ ـ قوله سبحانه : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ). (١)
كان الرجل ـ في الجاهليّة ـ يطلّق امرأته ويتركها ، وعند ما يقرب انقضاء عدّتها ، يراجعها لا عن حاجة ورغبة ولكن ليطوّل العدّة عليها إيذاءً وضراراً بها. فنهى الله سبحانه عن هذا الأسلوب التعسّفي ، كما قد حدّد الطّلاق بعد أن لم يكن له ولا للرجوع حدّ وحصر ، بما يلي :
(الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). (٢)
هذه هي الحدود الإلهيّة. وأمّا الرجوع بقصد الطّلاق ، فهو ليس من الإمساك
__________________
(١) البقرة / ٢٣١.
(٢) البقرة / ٢٢٩.