التنبيه السابع :
في حكم الضرر الواحد المتوجّه إلى أحد شخصين
إذا كان هناك ضرر واحد دائر أمره بين شخصين ، وكان دفعه عن أحدهما مستلزماً لتوجّهه إلى الآخر ، فهل يجب على أحدهما دفعه عن الثاني بتوجيهه إلى نفسه أو يجوز ترك تحمّله بإيجاد السدّ وتوجيهه إلى الغير؟ كالسيل المندفع إلى دار زيد فهل يجب عليه تحمّله أو يجوز له إحداث سد أمام داره فيتوجه السيل إلى دار جاره؟
هذا ما بحث عنه الشيخ الأنصاري في التنبيه الرابع من تنبيهات رسالته في القاعدة ، قال : إنّ مقتضى هذه القاعدة أن لا يجوز لأحد اضرار انسان لدفع الضرر المتوجّه إليه ، وأنّه لا يجب على أحد دفع الضرر عن الغير بإضرار نفسه ، لأنّ الجواز في الأوّل والوجوب في الثاني حكمان ضرريان. (١)
وموضوع البحث في هذا التنبيه كما قلنا عبارة عن وجود ضرر واحد ، متوجه إلى أحد الشخصين. فيقع الكلام تارة في وجوب تحمله وأُخرى في جواز دفعه بالإضرار بالغير. وأمّا إذا كان هناك ضرران ، يكون رفع أحدهما مستلزماً للحكم بثبوت الآخر ، فهو خارج عن هذا البحث ، وسيوافيك البحث عنه في التنبيه الآتي وقد طرحه الشيخ في التنبيه السادس من تنبيهات رسالته. فنقول :
أمّا احتمال وجوب التحمّل فيكفي في رفعه أصالة البراءة ، ومعها لا يصل الأمر إلى قاعدة «لا ضرر» ، إذ لا يكون هناك حكم شرعي قابل للارتفاع بالقاعدة. فينحصر البحث في جواز دفعه عن نفسه بالإضرار بالغير ، فهل تجري فيه القاعدة ،
__________________
(١) رسالة لا ضرر المطبوعة في آخر المكاسب ، ص ٤٧٤ من طبعة زين العابدين.