موضوعاً لحكم شرعي إلّا الحرمة ، ومن المعلوم أنّه لا يصحّ نفيه وطرحه. وما ذكره في ذيل كلامه من أنّ الحكم الذي أُريد نفيه بنفي الضرر ، هو الحكم الثابت للأفعال بعناوينها ... خروج عن البحث لأنّ نفي الضرر يصحّ أن يكون كناية عن نفي حكم نفسه ، لا عن حكم الوضوء والبيع في حال الضرر كما هو المدّعى ، لأنّ الضرر في الموردين ليس موضوعاً بل يعد من أحوالهما وأطوارهما.
وبالجملة ، فرق واضح بين «الشك» ونفس «الضرر» ، لأنّ الأوّل موضوع حكم ، كالربا ، فيصح نفيهما لغاية نفي حكمهما. بخلاف الضرر ، فإنّه موضوع لحكم واحد وهو الحرمة ولا يمكن نفيها بضرورة الفقه والعقل. ونفي وجوب الوضوء أو لزوم البيع في حال الضرر ، ليس نفياً إلّا لحكم الوضوء والبيع ، وهما ليسا موضوعين في الحديث ، بل الضرر من أطوارهما وأحوالهما ، ولم يتعارف نفي الحالة وإرادة نفي حكم ذي الحالة كما لا يخفى. نعم لو كان المنفي في لسان الشارع هو الفعل الضرري كان لما ذكره وجه.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ الضّرر كالخطإ والنسيان في حديث الرفع حيث إنّ الجميع عناوين لأفعال المكلّف ، فكما أنّ رفعهما فيه ، بمعنى رفع الفعل الصادر عن خطأ ونسيان بما للفعل من الحكم بما هو هو فهكذا المقام ، فرفع الضّرر ، كناية عن رفع الفعل الضّرري بما للفعل من الحكم بما هو هو.
فكما أنّ رفع الخطأ والنسيان لا يرفع نفس الحكم المتعلّق بنفسهما من الكفّارة وسجدة السّهو ، فهكذا في المقام لا يرتفع حكم نفس الضرر أعني الحرمة بل يرتفع حكم الفعل الثابت له بما هو هو في حال الضرر.
والحاصل : أنّ الوضوء مثل القتل ، والضرر في الأوّل عنوان للفعل كالخطإ الذي هو عنوان للقتل. فكما أنّ رفع الخطأ ليس بمعنى رفع حكم الفعل الصّادر منه عن خطأ فهكذا في المقام ، وليس المقصود نفي حكم نفس الضرر بل حكم الفعل الحامل للضّرر.