الصحيحين عن عائشة (١) وعن ابن مسعود (٢). وكذلك هو في صحيح مسلم (٣) عن أبي هريرة ، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة في تفسير هذه بهذا. انتهى.
وقال شمس الدين بن القيم في (زاد المعاد) : اختلف الصحابة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هل رأى ربه تلك الليلة أم لا؟ فصح عن ابن عباس أنه رأى ربه ، وصح عنه أنه قال : رآه بفؤاده ، وصحّ عن عائشة وابن مسعود إنكار ذلك ، وقال : إن قوله تعالى : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) إنما هو جبريل. وصحّ عن أبي ذرّ أنه سأله : هل رأيت ربك؟ قال : نور أنّى أراه. أي حال بيني وبين رؤيته النور ، كما في لفظ آخر : رأيت نورا.
وقد حكى عثمان بن سعيد الدارميّ اتفاق الصحابة على أنه لم يره.
قال الإمام ابن تيمية : وليس قول ابن عباس أنه رآه مناقضا لهذا ، ولا قوله رآه بفؤاده. وقد صح عنه أنه قال : رأيت ربي تبارك وتعالى ، لكن لم يكن هذا في الإسراء ، ولكن كان في المدينة لما احتبس عنهم في صلاة الصبح ، ثم أخبرهم عن رؤية ربه تبارك وتعالى تلك الليلة في منامه. وعلى هذا بنى الإمام أحمد وقال : نعم رآه حقّا ، فإن رؤيا الأنبياء حق ولا بد. وأما قول ابن عباس : رآه بفؤاده مرتين. فإن كان استناده إلى قوله تعالى : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) ثم قال : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) والظاهر أنه مستنده ، فقد صح عنه صلىاللهعليهوسلم أن هذا المرئيّ جبريل ، رآه مرتين في صورته التي خلق عليها. انتهى.
وقال ابن كثير : أما الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن ابن عباس قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : رأيت ربي عزوجل» ، فإنه حديث إسناده على شرط الصحيح ، لكنه مختصر من حديث المنام ، كما رواه الإمام أحمد (٤) أيضا عن ابن عباس ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : أتاني ربي الليلة في أحسن صورة (أحسبه ، يعني في النوم) فقال : يا محمد! أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال قلت : لا. فوضع يده بين كتفي حتى
__________________
(١) أخرجه البخاري في : التفسير ، سورة النجم ، ١ ـ حدثنا يحيى حدثنا وكيع ، حديث رقم ١٥٢٨ وأخرجه مسلم في : الإيمان ، حديث ٢٨٧.
(٢) أخرجه البخاري في : التفسير ، سورة النجم ، ١ ـ حدثنا يحيى حدثنا وكيع ، حديث رقم ١٥٢٦.
وأخرجه مسلم في : الإيمان ، حديث ٢٨٠.
(٣) أخرجه مسلم في : الإيمان ، حديث رقم ٢٨٣.
(٤) أخرجه في المسند ١ / ٣٦٨. حديث رقم ٣٤٨٤.