أو أدنى ، وهو الذي رآه نزلة أخرى ، عند سدرة المنتهى ، رآه على صورته مرتين ، مرة في الأرض ، ومرة عند سدرة المنتهى. انتهى.
وروى البخاريّ (١) في هذه الآيات عن ابن مسعود قال : رأى جبريل له ستمائة جناح.
وروى الترمذي (٢) عن عائشة رضي الله عنها أنه صلىاللهعليهوسلم رأى جبريل ، ولم يره في صورته إلا مرتين ، مرة عند سدرة المنتهى ، ومرة في جياد ـ مكان بمكة ـ له ستمائة جناح ، قد سدّ الأفق.
وأما ما وقع في حديث شريك في البخاريّ (٣) من قوله : (دنا الجبّار رب العزة فتدلّى ، حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى) ، فإن لم يكن ذلك من زيادة شريك ، على ما ذهب إليه الإمام مسلم وغيره ، فهو دنو وتدلّ غير ما في سورة النجم ، نؤمن به. ونفوّض كيفيته إليه تعالى ، كسائر أخبار الصفات.
قال ابن كثير : قد تكلّم كثير من الناس في رواية شريك ، فإن صح فهو محمول على وقت آخر ، وقصة أخرى ، لا أنها تفسير لهذه الآية ، فإن هذه كانت ورسول الله صلىاللهعليهوسلم في الأرض ، لا ليلة الإسراء. ولهذا قال بعده (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) ، فهذه هي ليلة الإسراء ، والأولى كانت في الأرض. انتهى.
وقال الحافظ أبو بكر البيهقيّ : وقع في حديث شريك في الإسراء زيادة على مذهب من زعم أنه صلىاللهعليهوسلم رأى الله عزوجل. وقول عائشة وابن مسعود وأبي هريرة في حملهم هذه الآيات على رؤية جبريل ، أصح.
قال العماد بن كثير : وهذا الذي قاله البيهقيّ رحمهالله في هذه المسألة ، هو الحق ، فإن أبا ذرّ قال : يا رسول الله! رأيت ربك؟ قال : نور أنّى أراه. وفي رواية : رأيت نورا ـ أخرجه مسلم (٤) ـ.
وقوله : (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى) إنما هو جبريل عليهالسلام ، كما ثبت ذلك في
__________________
(١) أخرجه البخاري في : التفسير ، سورة النجم ، ١ ـ حدثنا يحيى بن وكيع ، حديث رقم ١٥٢٦.
(٢) أخرجه الترمذي في : التفسير ، سورة النجم ، ٣ ـ حدثنا ابن أبي عمر.
(٣) أخرجه البخاري في : التوحيد ، ٣٧ ـ باب قوله : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) ، حديث رقم ١٦٨٤ ، عن أنس بن مالك.
(٤) أخرجه مسلم في : الإيمان ، حديث رقم ٢٩١ و ٢٩٢.