بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سورة القلم
وتسمى سورة القلم. وهي مكية. وآيها اثنتان وخمسون.
القول في تأويل قوله تعالى :
(ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (١) ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (٤)
(ن) بالسكون على الوقف : اسم للحرف المعروف ، قصد به التحدي. أو اسم للسورة ، منصوب ب (اذكر) أو مرفوع خبرا لمحذوف (وَالْقَلَمِ) أي الذي يخطّ به (وَما يَسْطُرُونَ) أي يكتبون. و (ما) مصدرية أو موصولة. وقوله (ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) جواب القسم ، قصد به تكذيب المشركين في إفكهم المحدث عنه بآية : (وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) [الحجر : ٦].
قال الزجاج : (أنت) هو اسم (ما) ، و (بمجنون) الخبر. وقوله : (بِنِعْمَةِ رَبِّكَ) كلام وقع في البين. والمعنى : انتفى عنك الجنون بنعمة ربك ، كما يقال : أنت بحمد الله عاقل ، وأنت بحمد الله فهم. ومعناه : أن تلك الصفة المحمودة إنما حصلت ، والصفة المذمومة إنما زالت ، بواسطة إنعام الله ولطفه وإكرامه. فالباء في (بِنِعْمَةِ) متعلقة بمعنى النفي المدلول عليه ب (ما) والباء في (بِمَجْنُونٍ) زائدة.
(وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً) أي ثوابا على أذى المشركين ، واحتمال هذا الطعن ، والصبر عليه (غَيْرَ مَمْنُونٍ) أي غير منقوص ولا مقطوع.
قال ابن جرير : من قولهم (حبل منين) إذا كان ضعيفا ، وقد ضعفت منته ، أي : قوته. أو غير ممنون به عليك ، زيادة في العناية به صلىاللهعليهوسلم ، والتنويه بمقامه.
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) قال ابن جرير : أي أدب عظيم. وذلك أدب القرآن الذي أدبه الله به ، وهو الإسلام وشرائعه.