بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة العاديات
مكية أو مدنية. وآيها إحدى عشرة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (١) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (٤) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) (٥)
(وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) إقسام بخيل الغزاة التي تعدو نحو العدوّ ، فتضبح. و (الضبح) صوت أنفاسها إذا عدت. وليس المراد بالصوت الصهيل. بل قولها (اح. اح) كما قاله ابن عباس. ونصب (ضَبْحاً) إما بفعله المحذوف ، أو بالعاديات لإفادته معناه ، أو بالحالية (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً) أي تورى النار بحوافرها. والقدح هو الضرب لإخراج النار ، والإيراء يترتب عليه. لأنه إخراج النار وإيقادها. فإيراؤها ما يرى من صدم حوافرها للحجارة. وتسمى نار الحباحب. ولما كان مرتبا على عدوها ، عطفه بالفاء ، وكون المراد به الحرب ـ بعيد. وفي إعرابه الوجوه السابقة.
(فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) أي تغير على العدوّ في وقته. يقال (أغار على العدوّ) إذا هجم عليه ليقتله أو يأسره أو يستلب ماله.
قال الإمام : وهو وصف عرض للخيل من الغاية التي أجريت لها. أي أنها تعدو ويشتد عدوها حتى يخرج الشرر من حوافرها ، لتهجم على عدوّ وقت الصباح ، وهو وقت المفاجأة لأخذ العدو على غير أهبة (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) أي فأهجن ، بذلك الوقت ، غبارا من الإثارة. وهي التهييج وتحريك الغبار ونحوه ليرتفع. وانتفع : الغبار كما ذكرنا ، وورد بمعنى الصياح. فجوّز إرادته هنا بمعنى صياح من هجم عليه ، وأوقع به. لا صياح المغير المحارب ، وإن جاز على بعد فيه. أي هيجن الصياح بالإغارة على العدوّ ، وضمير (به) للوقت والباء ظرفية. وفيه احتمالات أخر. ككونه للعدو أو للإغارة ، لتأويلها بالجري. فالباء سببية أو للملابسة. ويجوز كونها ظرفية أيضا. والضمير للمكان الدال عليه السياق ، للعلم بأن الغبار لا يثار إلا من موضع. وهو الذي اختاره ابن جرير.