بناء على ما حققناه من أن ميزان العرض الذاتي هو المنشئية ، وبناء على ما أوضحناه من أن عروض الفصل على الجنس ذاتي بهذا الملاك ـ وهو أن لا تزيد الواسطة الأخص عن ذات الأعم بشيء ـ وكذلك كل ما يعرض بتبع الفصل وفي طوله ، إذن فهذا المحمول يكون عرضا ذاتيا بالنسبة إلى موضوع العلم ، وإن كان قد عرض بواسطة أمر أخص.
إلى هنا انتهى الكلام عن الإشكالات الثلاثة التي وجهت على المقدمة الثالثة والثانية.
وإلى هنا انحلت عندنا المشاكل الثلاثة كلها التي أشرنا إليها في بداية البحث.
المشكلة الأولى وهي : إنّ ما هو ميزان العرض الذاتي وتبين أن ميزانه ينطبق على ما يعرض بواسطة أمر مساوي ، أو بلا واسطة ، أو بواسطة أمر أخص ، إذا كان هذا الأخص من قبيل الفصل بالنسبة إلى الجنس ، على أن لا تزيد الواسطة الأخص عن ذات الأعم بشيء.
كما أن المشكلة الثانية وهي : إنه لما ذا يشترط أن يبحث في كل علم عن عوارض موضوعه الذاتي ، هذا أيضا انحلّ بعد الالتفات إلى أن المراد من البحث البحث البرهاني الذي ينتج علما برهانيا ، لا يكون إلّا بين الموضوع وعرضه الذاتي ، أي بين شيء وشيء يعرض عليه بلا واسطة ، أو بواسطة أمر آخر يكون ذاك الآخر عرضا ذاتيا له ، وهو المسمى بالحد الأوسط في البرهان.
والمشكلة الثالثة انحلت كذلك وهي أنه كيف يكون محمولات المسائل أعراضا ذاتية لموضوع العلم ، مع أنها تعرض لموضوع العلم بواسطة أمر أخص ، وهو موضوع المسألة؟.
وكان الجواب : إن موضوع المسألة بمثابة النوع بالنسبة إلى الجنس ، وقد تقدم معنا أن عروض الفصل على الجنس ذاتي ، وكذلك كل ما يعرض بتبعه ، وفي طوله ، فتكون هذه المحمولات أعراضا ذاتية أيضا ، فلا إشكال في المشاكل الثلاثة.