فهم يستقبلون رزق الله بالفرح ، لأنهم يدركون أنه من فضله عليهم ، فهو دليل رضاه ، وهم قد قتلوا في سبيل الله ، فأي شيء يفرحهم اذن أكثر من رزقه الذي يتمثل فيه رضاه؟.
ثم هم مشغولون بمن وراءهم من اخوانهم ، وهم مستبشرون لهم لما علموه من رضا الله عن المؤمنين المجاهدين : «وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ ، وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ». انهم لم ينفصلوا من اخوانهم الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ، ولم تنقطع بهم صلاتهم. انهم أحياء كذلك معهم ، مستبشرون بما لهم في الدنيا والآخرة. موضع استبشارهم لهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، وقد عرفوا هذا واستيقنوه من حياتهم عند ربهم ، ومن تلقيهم لما يفيضه عليهم من نعمة وفضل ، ومن يقينهم بأن هذا شأن الله مع المؤمنين الصادقين ، وأنه لا يضيع أجر المؤمنين».
* * *
ويقول الله عز من قائل في سورة الرعد :
«وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ، وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ ، إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ»(١).
أي ان الذين آتيناهم الكتاب ، وهم قائمون بمقتضاه بلا تغيير ، يفرحون بما أنزل اليك من القرآن المجيد ، لما في كتبهم من الشواهد على
__________________
(١) سورة الرعد ، الآية ٣٦.