وقال الله تعالى :
«وَمَنْ أَرادَ
الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً».
فأخبر ان السعي
المشكور سعي من أراد الآخرة ، وأصرح منها قوله لخواص أوليائه ، وهم أصحاب نبيه صلىاللهعليهوسلم ورضي عنهم في يوم أحد :
«مِنْكُمْ مَنْ
يُرِيدُ الدُّنْيا ، وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ»
فقسمهم الى
هذين القسمين اللذين لا ثالث لهما.
وقد غلط من قال
: فأين من يريد الله؟ فان ارادة الآخرة عبارة عن ارادة الله تعالى وثوابه ، فارادة
الثواب لا تنافس ارادة الله.
والقسم الثالث
: من يريد من الله ولا يريد الله ، فهذا ناقص غاية النقص ، وهو حال الجاهل بربه ،
الذي سمع أن ثمة جنة ونارا ، فليس في قلبه غير ارادة نعيم الجنة المخلوق ، لا يخطر
بباله سواه البتة. بل هذا حال أكثر المتكلمين المنكرين رؤية الله تعالى ، والتلذذ
بالنظر الى وجهه في الآخرة ، وسماع كلامه وحبه ، والمنكرين على من يزعم أنه يحب
الله ، وهم عبيد الاجرة المحضة ، فهؤلاء لا يريدون الله تعالى وتقدس.
ومنهم من يصرح
بأن ارادة الله محال ، قالوا : لأن الارادة انما تتعلق بالحادث ، فالقديم لا يراد.
فهؤلاء منكرون لارادة الله غاية الانكار ، وأعلى الارادة عندهم ارادة الاكل والشرب
والنكاح واللباس في الجنة
__________________