الإبهام
ويثبت ظاهره انّ لله سبحانه أيد بنى بها السماء ، ولكن رفع الإبهام عن الآية بالإمعان في القرائن الحافّة بها تأويل لها ، أي إرجاع لها إلى ما قصد منه حقيقة ، وسيوافيك انّ تأويل المتشابه قسم من هذا النوع.
الثاني :
إرجاع الفعل إلى واقعه بمعنى رفع الإبهام عنه بذكر مصالحه والدواعي التي حملت الفاعل إلى العمل ؛ وهذا كما في عمل مصاحب موسىٰ حيث أتى بأعمال مبهمة ومريبة من خرق السفينة وقتل الصبي وبناء الجدار الذي كاد أن ينقضّ ، فسأله موسى عن الدواعي فبيّنها وقال : ( ذَٰلِكَ
تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا) ، فالتأويل في الآية رفع الإبهام عن
الفعل ، وإرجاع ظاهرة المريب إلى واقعه.
ومن هذا القبيل وصف
الكيل المقرون بالعدل والإنصاف « بكونه أحسن تأويلاً » أي أحسن مآلاً ، يقول سبحانه : ( وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ
الْمُسْتَقِيمِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )
. فالمراد أحسن مآلاً لما يترتب على إجراء العدل في عملية الوزن من المصالح والغايات الصحيحة.
حتى أنّ القرآن
يستعمله في مورد الرجوع إلىٰ قضاة العدل ، يقول سبحانه :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ
تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) أي أحسن مآلاً ، لأنّ في الرجوع إلى الله
والرسول إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل على خلاف الرجوع إلى الجبت والطاغوت.
الثالث :
تأويل الرؤيا التي يكتنفها الإبهام ، فإنّ الرؤيا الصادقة على أقسام : منها ما تتصل نفس النائم بالواقع غير انّ النفس تتصرف فيما تراه قبل أن يستيقظ
______________________