مقدّمة
من المعلوم أنّ العقائد الإسماعيلية لا يمكن دراستها وبحثها على أنّها عقائد ثابتة لفرقة موحدة ، ذلك أنها عقائد تطورت حسب البيئات والأزمان ، فاختلفت باختلافها ، وتشعبت آراؤها ونظرياتها ، حتى أصبح من الصعب أن تبلور هذه العقائد أو أن تصهر في بوتقة واحدة.
والكتاب الذي نضيفه اليوم إلى مجموعة الكتب والأبحاث التي نشرناها حول الحركات الباطنية في الإسلام ، كنز من كنوز المعرفة الخاصة بدعوة الإسماعيلية الطيبية ، والصورة التي رسمها هذا السفر النفيس بمنهجه ومادته ، صورة علمية جديرة بالمطالعة والدراسة.
إن كتاب «كنز الولد» من الكتب السرية النادرة الوجود ، الجليلة القدر ، المحتوية على تسلسل المراتب الباطنية ، والحدود الروحانية ، والنظريات العقلانية العميقة في علم «الحقيقة» أي العبادة العلمية أو علم الباطن كما هو معروف لدى دعاة الإسماعيلية ، فعقائد الإسماعيلية الطيبية وأسرار التوحيد الإسماعيلي التي يرسم خطوطها المؤلف تجسد ما هي عليه اليوم عند طائفة «البهرة» بفرعيها السليماني والداودي ، ولقد وصفه المؤرخ الداعي إدريس عماد الدين القرشي (٨٣٢ ـ ٨٧٢ ه) بأنّه الكتاب الجليل في علم الحقائق الموسوم بكنز الولد (١). وممّا يعطي قيمة فكرية كبرى لهذا الكتاب من الناحية
__________________
(١) عيون الأخبار الداعي إدريس عماد الدين ج ٧ ص ٢١٠.