وبعد أفول نجم الدولة الصليحية بوفاة السيدة الحرّة أصبحت الدعوة منظمة دينية بحتة يرأسها الداعي ذؤيب بن موسى ، ومن الطبيعي حسب ترتيبات الدعوة الإسماعيلية أن يختار من بين الدعاة داعيا مأذونا له يساعده في أعماله فاختار مترجمنا الداعي السلطان إبراهيم بن الحسين بن أبي السعود الحامدي الهمداني ، وهو من كبار الدعاة العلماء الذين أوجدتهم مدارس الدعوة الإسماعيلية المستعلية الطيبية في اليمن.
ولمّا توفّي الذؤيب خلفه مأذونه السلطان إبراهيم داعيا مطلقا للإمام المستور الطيب بن الآمر في اليمن وما جاورها من البلاد والهند والسند وذلك سنة ٥٣٦ ه. وجعل الشيخ علي بن الحسين بن جعفر الأنف القريشي العبشمي مأذونا له ، فكان له معاضدا على أمره ، قائما بنشر الدعوة في سرّه وجهره ، ولم يعمر علي بن الحسين طويلا فقد وافته المنية في سنة ٥٥٤ ه فاستعان الحامدي بابنه حاتم حيث اتخذه مأذونا له ، ونقل مقره إلى صنعاء ، ثم أعلن عدم تدخله في سياسة الدولة ، وواظب على دراسة العلوم ونقل التراث العلمي الإسماعيلي وجمعه وتدريسه للدعاة التابعين لمدرسته ، ووزع الدعاة في بلاد اليمن والهند والسند ، وفيه يقول الشاعر الحارثي :
أبا حسن أنقذت بالعلم أنفسا |
|
وآمنتها من طارق الحدثان |
فجوزيت بالحسنى وكوفيت بالمنى |
|
ودمت سعيدا في أعزّ مكان |
عمرت بصنعا دعوة طيبية |
|
جعلت لها أسّا وشدت مباني (١) |
ويذكر التاريخ الإسماعيلي اليمني له عدة مؤلفات علمية تبحث في فلسفة الدعوة الإسماعيلية وفي التأويل والحقائق ، ومن مؤلفاته : كتاب
__________________
(١) الصليحيون : ٢٧١ ـ ٢٧٢.