من بقي من صحابة الرسول ، الذين سمعوا قوله فيه وفي أخيه الحسين (ع) : «هذان إمامان ، قاما أو قعدا». وقوله : «هما سيدا شباب أهل الجنة». والتف حولهما رواد العلم وبقية الصحابة الكرام ، فأخذوا عنهما العلم وأصول الإسلام وفروعه. وقد الف الحسن في الفقه ، كما يؤيد ذلك ما ذكره السيوطي في تدريب الراوي قال : كان بين السلف من الصحابة ، والتابعين اختلاف كثير في كتابة العلم ، فكرهها كثير منهم وأباحها طائفة وفعلوها ، منهم علي وابنه الحسن عليهماالسلام.
ولما التقى الفرزدق الشاعر مع الحسين (ع) وهو في طريقه لأداء فريضة الحاج ، والحسين (ع) في طريقه الى العراق قال : سألته عن أشياء من نذور ومناسك ، فأخبرني بها. ومما لا شك فيه انهما كانا من أوثق المراجع في نفوس المسلمين وأقدسها ، وأكثر من سكن المدينة على عهد الرسول رآه وهو يحملهما على كتفيه ويمص من لعابهما ، وسمعه وهو يقول لهما : «نعم الجمل جملكما ونعم الراكبان أنتما».
وتولى أمرهما علي (ع) من بعده وعاشا معه أكثر من أربعين عاما ، كانت سيرتهما في هذه المدة سيرة ندية ، فواحة ، عطرة ، كسيرة جدهما وأبيهما ، سلسلة جهاد متواصل في سبيل الله وخير الإنسانية ، وثورة على أئمة الظلم والباطل ، الذين أجبروا الناس على الخضوع لهم والسير في ركابهم ، بما استعملوه من صور مخيفة تنذر المعارضين لسياستهم بالقتل والتشريد ، فلم يمنعهما كل ذلك من المضي في طريقهما الذي أعلناه للعالم الإسلامي بكل صراحة ، مهما كانت النتائج.
وأخيرا لم ير هند بدا من اغتيال الحسن ، فدسّ اليه السم ، بواسطة إحدى زوجاته ، جعدة بنت الأشعث بن قيس. وانتهى الأمر بأخيه الحسين (ع) ، أن قتله يزيد بن معاوية ، بعد ان استغاث به