الأموي حتى العصور الأخيرة من تاريخهم. لقد كانت أولى أهداف الأمويين في سياستهم ، القضاء على العلويين وشيعتهم وآثارهم ، بكل ما يملكون من الوسائل. وكان ذلك يشغل الجانب الأكبر من تفكيرهم وجهودهم ، لأنهم يرون فيه الخطر الذي يهدد سلطانهم وسلامة دولتهم. وتتضح هذه الآراء من سيرة معاوية وولده يزيد ، ومن جاء بعده منهم. وقد أشار هاشم بن عبد الملك ، في رسالته التي بعثها الى واليه في العراق ، يوسف بن عمر ، الى النوايا السيئة ، التي حملها الأمويون على الشيعة وأئمتهم ، قال : أما بعد ، فقد علمت بحال أهل الكوفة ، في حبهم أهل هذا البيت ، ووضعهم إياهم في غير مواضعهم ، لأنهم افترضوا على أنفسهم طاعتهم ، ووظفوا عليه شرائع دينهم ، ونحلوهم ما هو كائن ، حتى حملوهم من تفريق الجماعة على حال استخفوهم فيها على الخروج (١).
ولكنهم مع ذلك ، فما استطاعوا أن يطفئوا شعلة الحق من قلوب المؤمنين ، ولم يتم لهم ما أرادوه ، وان تم لهم ان يحولوا بينهم وبين ادارة شؤون الأمة والقيام بأمر الخلافة.
ومهما يكن الحال فلقد تنازل الحسن (ع) عن حقه في الخلافة لمصلحة الإسلام العليا ، بعد ان رأى أهل الكوفة لا يثق بهم إنسان إلا غلب ، وعاهده معاوية أن يحفظ لشيعته وللمسلمين حقهم وكرامتهم. ولكنه بحكم طبيعته ، التي لا تعرف الا المكر والغدر ، أبى أن يفي بشيء مما عاهد عليه. وكان مما لا بد منه ، ان يرحل الحسن عن الكوفة ، هو وأهل بيته ، الى العاصمة الأولى للإسلام ، فأقاما بها بين
__________________
(١) العراق في ظل العهد الأموي ، للدكتور علي الخرطبولي (ص ٢٠٩).