الطريق على المضللين ، قال سبحانه : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ، قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ)(١). وفي السورة نفسها نراه سبحانه يمهد للجاحد الطريق الى الايمان عن طريق الحس والمشاهدة بأسلوب صريح واضح ، ويبعث في نفسه الدهشة والحيرة ، ويقوده الى الايمان بتلك القوة المدبرة لهذا النظام الحكيم العادل ، لقد سأل إبراهيم ربه كيف يحيي الموتى بعد الفناء وتبدد الأوصال ، لا لشبهة دخلت عليه ولكن ليقنع بذلك الجاحد الذي لا يؤمن الا بالمحسوسات ، لقد سأل إبراهيم ربه ان يريه كيف يحيي الموتى بعد الفناء ، قال سبحانه : (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ، ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً ، وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وأمثال ذلك كثير في القرآن الكريم فهو تارة يبتدئهم بالبراهين والأمثال حسبما تقبله عقولهم ويتفق مع نزعاتهم وتقاليدهم ، واخرى يسوق لهم الأدلة في مقام التنديد على المنكرين للتوحيد والمعاد ورسالات الأنبياء ، من غير ان يرتكز جحودهم على العلم والمنطق : قد سلكوا في ظلمات من الجهل والعناد واتبعوا أهواءهم وكل شيطان أضلهم عن سبيل الله وقد وصفهم الله سبحانه في كتابه فقال : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ ، ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ).
أدلة البعث والمعاد في القرآن :
وبعد ان أقام لهم البراهين التي لا تدع مجالا لمرتاب ولا لجاحد ،
__________________
(١) سورة البقرة.