ومهما يكن الحال فالمقصود في المقام أن التشريع لا بد منه لحفظ النظام وبناء مجتمع صالح ، وان التشريع الإسلامي جاء وافيا بحاجة الإنسان في دنياه وآخرته فقد أمر بالعمل والجهاد ونهى عن السؤال والتسول وسوى بين الناس فلا سيد ولا مسود ولا ظلم ولا عدوان ، الناس كلهم لآدم وآدم من تراب ، لا فضل لأحمر على اسود ولا لأسود على احمر الا بالتقوى ، وعالج نفس الإنسان وحرص على تصفيتها من الرذائل التي يؤدي الاستمرار عليها الى الجحود والشرك بالله ، كي لا تصبح مظلمة حالكة لا تبصر الحق ولا تدرك الواقع ويكون الشيطان لها بالمرصاد يمنيها حسن العاقبة وانها على صواب من الأمر. قال سبحانه في سورة الزخرف :
(وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ، وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ، حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ).
الأسلوب القرآني في الدعوة الى التوحيد :
منذ أن بدأ الرسول (ص) دعوته المباركة ، افتتحها بالدعوة الى إله واحد أحد لا شريك له ولا ولد ، بعد ان أتم عليهم الحجة ، وغرس فيهم قابلية التفكر وإرجاع المسببات الى أسبابها بمقتضى الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، فالطفل على سذاجته وطبيعته يدرك ان كل شيء لا بد له من سبب في وجوده وبصورة طبيعية يعترف بوجود خالقه وموجده منذ نعومة أظفاره.
ولذلك كان الإسلام دين الفطرة أي أن كل ما فيه فطري وضروري ، يعترف به العقل بصورة طبيعية ارتكازية ، وقد اشتمل