رعيته. كتبت إلي في فاسق أويته ، اقامة منك على سوء الرأي ورضا منك بذلك. وايم الله ، لا تسبقني به ، ولو كان بين جلدك ولحمك ، وان نلت بعضك غير رفيق بك ، فإن أحب لحم إليّ أن آكله ، للحم أنت منه ، فسلمه بجريرته إلى هو أولى به منك. فإن عفوت عنه لم أكن شفعتك فيه ، وإن قتلته ، لم اقتله إلا لحبّه لأبيك الفاسق (١).
ولقد قال الحسن البصري في معاوية : ثلاث كنّ في معاوية ، لو لم يكن إلا واحدة منهن لكانت موبقة : ابتزازه على هذه الأمة بالسفهاء حين ابتزها أمرها ، واستلحاقه زيادا ، وقد قال رسول الله : «الولد للفراش وللعاهر الحجر» ، وقتله لحجر بن عدي وأصحابه. فيا ويله من حجر وأصحاب حجر. ولما وصف بالحلم في مجلسه قال : وهل اغمد سيفه ، وفي نفسه على أحد شيء؟ (٢).
لقد أمعن الأمويون في التنكيل والتعذيب بأهل البيت وكل من يتهم بالولاء والتشيع لهم. ولم يضعوا سيوفهم في أغمادها ، ما دام بين المسلمين من يذكر عليا بالخير أو يسمي حسنا وحسينا. فليس من الغريب إذا خفت صوت التشيع في ميدان التشريع وغيره من الميادين. وتلك من النتائج المرتقبة لأي أمة تعيش في مثل هذا الجو المظلم ، ولو لا ان التشيع يرتكز على أساس متين من المبادئ والعقائد لكان كغيره من المذاهب والأحزاب البائدة ، وقد أبيدت فرق وأحزاب ، ولم يعد لها عين ولا أثر ، لمجرد أن السياسة كانت تسير في اتجاه معاكس لها ، ولم تلق من قسوة الحكام وجورهم شيئا ، بالنسبة لما لاقاه الشيعة ، منذ العهد
__________________
(١) شرح النهجر (جلد ٤ ص ٧٢).
(٢) العراق في ظل العهد الأموي ، للدكتور علي الخرطبولي (ص ٢٠٩).