الكثير. ثم كتب الى عماله في جميع الأقطار الإسلامية ان يقطعوا العطاء عمن اتهم بالتشيع لعلي وأهل بيته ويهدموا عليه داره. فاشتد البلاء في العراق ، لا سيما الكوفة ، وبلغ حدا لا يطاق ، وبخاصة بعد موت الحسن وقتل الحسين عليهماالسلام.
ومضى على سنة معاوية وسيرته كل من جاء بعده من الأمويين وعمالهم (١). فلم يعد باستطاعة أحد ان يتظاهر بالتشيع ، أو يسمي حسنا أو حسينا. وإذا أراد الرواة أن يحدثوا عن علي قالوا : حدثنا أبو زينب. ووقف عبد الملك بن قريب في طريق الحجاج فقال له : أيها الأمير ، ان أهلي عقوني ، فسموني عليا ، وأنا إلى صلة الأمير محتاج ، فتضاحك الحجاج وقال : ما الطف ما توسلت به ، وليتك موضع كذا ، واغدق عليه من عطائه (٢).
وقد قتل زياد منهم الفقهاء والمحدثين ، أمثال حجر بن عدي وعمرو بن الحمق الخزاعي وجويرية بن مسهر ، وأمثالهم من القراء وحملة الحديث. ولما أراد ان يقتل سعيد بن سرح ، استجار بالحسن (ع) فهدم داره وأخذ أمواله وحبس أخاه وامرأته. فكتب اليه الحسن (ع) : أما بعد ، فإنك عمدت إلى رجل من المسلمين ، له ما لهم وعليه ما عليهم ، فهدمت داره وأخذت ماله وحبست عياله ، فإن أتاك كتابي هذا ، فابن له داره واردد عليه عياله وماله وشفعني فيه ، فقد أجرته ، فكتب إليه زياد : من زياد بن ابي سفيان ، إلى الحسن بن فاطمة ، أما بعد ، فقد أتاني كتابك تبدأ فيه بنفسك ، وأنت طالب حاجة ، وأنا سلطان وأنت رعية ، وتأمرني فيه بأمر المطاع المسلط على
__________________
(١) شرح النهج (مجلد ٣ ص ١٦ و ١٧).
(٢) شرح النهج (م ٣ ص ١٦).