وكرامتهم. فأرسل لهم معاوية صحيفة بيضاء وذيّلها بخاتمه ، وأبدى استعداده للموافقة على جميع ما يشترط فيها ، فاشترط لنفسه ان تكون له الخلافة بعد موت معاوية ، وان يأخذ كل ما في بيت مال الكوفة ، وان يكون له خراج الأهواز في كل عام.
واشترط لأبيه ، ان لا يسبه معاوية على المنابر. وان يكون لأخيه الحسين عليهماالسلام ألف ألف درهم في كل عام. وان يفضل بني هاشم في العطاء على غيرهم من بني أمية. وان يؤمن أهل العراق ويتجاوز عن هفواتهم (١).
وبهذا الصلح تحققت لمعاوية أطماعه السياسية ، التي كان يحلم بها من عهد طويل ، وتم له الاستيلاء على أمور المسلمين عامة. وقبل ان يدخل الكوفة صلى بالناس صلاة الجمعة بالنخيلة وهي القاعدة العسكرية التي كان يجتمع فيها الجيش ، لاستكمال عدده وعدته ، ومنها ينطلق نحو وجهته ـ وبعد الصلاة خطب في أهل العراق ومن معه من جند الشام. وأسفر عن نواياه السيئة ، التي كان يضمرها لأهل العراق ، وللعلويين وشيعتهم. وقد وضع في خطبته الخطوط العامة للنهج السياسي الذي سيحققه في العراق ، ومع الحسن (ع) وشيعته بصورة خاصة.
فقد روى الأعمش ، عن سعيد بن سويد قال : صلى بنا معاوية بالنخيلة الجمعة ، وبعد الصلاة قال : والله اني ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا ، إنكم لتفعلون ذلك وانما قاتلتكم
__________________
(١) العراق في ظل العهد الأموي (ص ٧٠) عن الطبري وابن قتيبة وأبي الفداء وغيرهم من المؤرخين.