وعلى هذا فإنّ إنكار القيامة والذي هو بحدّ ذاته مصدر للكثير من الذنوب ، هو وصف آخر لأصحاب الشمال ، ومصدر لشقائهم. وتعبير (كَانُوا يَقُولُونَ) يوضّح لنا أنّهم كانوا يصرّون ويعاندون في إنكار يوم القيامة أيضاً.
إنّ الذنوب الثلاثة التي اشير إليها في الآيات الثلاثة السابقة كانت بمثابة نفي اصول الدين الثلاثة من قبل أصحاب الشمال.
ففي آخر آية تحدّث القرآن الكريم عن تكذيبهم ليوم القيامة ، وفي الآية الثانية عن إنكار التوحيد ، وفي الآية الاولى كان الحديث عن المترفين وهي إشارة إلى تكذيب الأنبياء.
إنّهم لم يكتفوا بما ذكروا وذهبوا إلى أكثر من ذلك حيث قالوا بتعجب : (أَوَءَابَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ).
ثم إنّ القرآن الكريم يأمر الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله أن يجيبهم : (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْأَخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ).
«ميقات : من مادة وقت بمعنى الزمان الذي يحدّد لعمل ما أو موعد. والمقصود من الميقات هنا هو نفس الوقت المقرر للقيامة.
ويستفاد من التعابير المختلفة التي وردت في الآية السابقة والتأكيدات العديدة حول مسألة الحشر ، أنّ حشر جميع الناس ينجز في يوم واحد.
ولابدّ من الإشارة هنا إلى أنّ معلومية يوم القيامة هي عند الله فقط ، وإلّا فإنّ جميع البشر بما فيهم الأنبياء والمرسلون والمقربون والملائكة ليس لهم علم بتوقيتها.
(ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) هذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ) (٥٦)
(عقوبات جديدة للمجرمين :) هذه الآيات استمرار للأبحاث المرتبطة بعقوبات أصحاب الشمال ، حيث يخاطبهم بقوله : (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذّبُونَ * لَأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مّن زَقُّومٍ).
«زقّوم : نبات مرّ نتن الرائحة وطعمه غير مستساغ ، وفيه عصارة إذا دخلت جسم الإنسان يصاب بالتورّم ، وتقال أحياناً لكل نوع من الغذاء المنفّر لأهل النار.
وجملة (فَمَالُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ) إشارة إلى الجوع الشديد الذي يصيبهم بحيث إنّهم