سبب النّزول
في المجمع : قيل : إنّ الآيات نزلت في الوليد بن المغيرة ، وكان يغتاب النبي صلىاللهعليهوآله من ورائه صلىاللهعليهوآله ويطعن عليه في وجهه.
وقيل : نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي ، وكان يلمز الناس ويغتابهم.
ولكن ، إن قبلنا أسباب النزول هذه فلا ينفي ذلك شمولية مفاهيم الآيات ، بل إنّها تستوعب كل الذين يحملون هذه الصفات.
التّفسير
الويل للهمّازين واللمّازين : تبدأ هذه السورة بتهديد قارع وتقول : (وَيْلٌ لّكُلّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ) ... لكل من يستهزيء بالآخرين ، ويعيبهم ، ويغتابهم ، ويطعن بهم ، بلسانه وحركاته وبيده ، وعينه وحاجبه.
«الهمزة واللمزة : صيغتا مبالغة. من مجموع آراء اللغويين في الكلمتين يستفاد أنّهما بمعنى واحد ، ولهما مفهوم واسع يشمل كل ألوان إلصاق العيوب بالناس وغيبتهم والطعن والإستهزاء بهم ، باللسان والإشارة والنميمة والذم.
أساساً ، الإسلام ينظر إلى شخصية الإنسان وكرامته باحترام بالغ ، ويعدّ أيّ عمل يؤدي إلى إهانة الآخرين ذنباً كبيراً. وفي أمالي الصدوق عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : أذل الناس من أهان الناس.
وفي عوالي اللئالي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : رأيت ليلة الإسراء قوماً يقطع اللحم من جنوبهم ثم يلقمونه ، ويقال : كلوا ما كنتم تأكلون من لحم أخيكم. فقلت : يا جبرئيل من هؤلاء؟ فقال : هؤلاء الهمازون من امّتك اللمازون.
ثم تذكر الآية التالية منبع ظاهرة اللمز والهمز في الأفراد ، وترى أنّها تنشأ غالباً من كبر وغرور ناشئين بدورهما من تراكم الثروة لدى هؤلاء الأفراد ، وتقول : (الَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ) بطريق مشروع أو غير مشروع.
فهو انشدّ بالمال انشداداً جعله منشغلاً دائماً بعدّ المال والإلتذاذ ببريق الدرهم والدينار.
تحول الدرهم والدينار عنده إلى وثن ويرى فيه شخصيته وينظر من خلاله أيضاً إلى شخصية الآخرين ، ومن الطبيعي أن يكون تعامل مثل هذا الإنسان الضال الأبله بالسخرية والإستهزاء مع المؤمنين الفقراء.
«عدده : من (عدّ) بمعنى حَسَب. هذه الآية تقصد الذين يدّخرون الأموال ولا ينظرون