هذه الآية يؤكّد على مسألة الوزن بمعناها الخاص ، ويأمر البشر أن يدقّقوا في قياس ووزن الأشياء في التعامل ، وهذه أضيق الدوائر.
إنّ أهمية الميزان في أي معنى كان عظيمة في حياة الإنسان بحيث إنّنا إذا حذفنا حتى مصداق الميزان المحدود والصغير والذي يعني (المقياس) فإنّ الفوضى والإرتباك سوف تسود المجتمع البشري.
ويستفاد من بعض الروايات أنّ (الميزان) قد فسّر بوجود (الإمام) ، وذلك لكون الوجود المبارك للإمام المعصوم هو وسيلة لقياس الحق من الباطل ، ومعيار لتشخيص الحقائق وعامل مؤثّر في الهداية. وهكذا في تفسير الميزان بالقرآن الكريم ناظر إلى هذا المعنى.
ثم ينتقل سبحانه من السماء إلى الأرض فيقول عزوجل : (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ).
إنّ القرائن الموجودة في السورة وطبيعة النداءات الموجّهة للإنس والجن تدلّل على أنّها المقصود هنا (الجن والإنس).
وفي الآية اللاحقة يستعرض ذكر النعمتين التاسعة والعاشرة من النعم الإلهية ، والتي تتضمّن قسماً من المواد الغذائية التي وهبها الله سبحانه للإنسان حيث يقول تعالى : (فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتِ الْأَكْمَامِ).
«الفاكهة : تشمل كل نوع من الفاكهة.
وأكمام : جمع (كِم) تطلق على الغلاف الذي يغطّي الفاكهة.
إنّ إختيار هذا الوصف لفاكهة شجرة النخل ـ والتي تكون في البداية مختفية في غلاف ثم ينشقّ الغلاف عن ثمر منظود وبشكل جميل وجذّاب ـ يمكن أن يكون لهذا الجمال الأخّاذ ، أو للمنافع الجمّة الكامنة في هذا الغلاف ، والتي تتميّز بالمنافع الطبيّة والغذائية.
ثم يتحدث سبحانه عن النعمة الحادية عشرة والثانية عشرة حيث يقول سبحانه : (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ).
الحبوب مصدر أساسي لغذاء الإنسان ، وأوراقها الطازجة واليابسة هي غذاء للحيوانات التي هي لخدمة الإنسان ، حيث يستفيد من حليبها ولحومها وجلودها وأصوافها ، وبهذا الترتيب فلا يوجد شيء فيها غير ذي فائدة.
ومن جهة اخرى ، فإنّ الله تعالى خلق الأزاهير المعطّرة والورود التي تعطّر مشام الجسم والروح وتبعث الاطمئنان والنشاط ، ولذا فإنّ الله سبحانه قد أتمّ نعمه على الإنسان.