(وَلَلْأَخِرَةُ
خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى).
أنت في هذه
الدنيا مشمول بالطاف الله تعالى ، وفي الآخرة أكثر وأفضل.
وتأتي البشرى
للنبي الكريم لتقول له : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ
رَبُّكَ فَتَرْضَى).
وهذا أعظم
أكرام وأسمى احترام من ربّ العالمين لعبده المصطفى محمّد صلىاللهعليهوآله. فالعطاء الرباني سيغدق عليه حتى يرضى ... حتى ينتصر
على الأعداء ويعم نور الإسلام الخافقين ، كما أنّه سيكون في الآخرة أيضاً مشمولاً
بأعظم الهبات الإلهية.
النبي الأعظم صلىاللهعليهوآله باعتباره خاتم الأنبياء ، وقائد البشرية ، لا يمكن أن
يتحقق رضاه في نجاته فحسب ، بل إنّه سيكون راضياً حين تُقبل منه شفاعته في امته.
عن حرب بن شريح
قال : قلت لأبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين : جعلت فداك! أرأيت هذه الشفاعة التي
يتحدث بها بالعراق أحق هي؟ قال : شفاعة ماذا؟ قلت : شفاعة محمّد صلىاللهعليهوآله قال : حق والله ، لحدثني عمي محمّد بن علي بن الحنفية
عن علي بن أبي طالب عليهالسلام أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : أشفع لُامّتي حتى يناديني ربّي عزوجل أرضيت يا محمّد ، فأقول : نعم رضيت. ثم أقبل علي عليهالسلام فقال : إنّكم تقولون يا معشر العراق إنّ أرجى آية في
كتاب الله (يَا عِبَادِىَ
الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ) الآية. قلت إنّا لنقول ذلك ، قال : ولكنا أهل البيت
نقول إنّ أرجى آية في كتاب الله (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ
رَبُّكَ فَتَرْضَى) وهي الشفاعة .
وفي المجمع عن
الصادق عليهالسلام قال : دخل رسول الله صلىاللهعليهوآله على فاطمة عليهاالسلام وعليها كساء من ثلة الإبل وهي تطحن بيدها وترضع ولدها ،
فدمعت عينا رسول الله صلىاللهعليهوآله لما أبصرها ، فقال : يا بنتاه! تعجلي مرارة الدنيا
بحلاوة الآخرة فقد أنزل الله علي (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ
رَبُّكَ فَتَرْضَى).
(أَلَمْ يَجِدْكَ
يَتِيماً فَآوَى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالًّا
فَهَدَى (٧) وَوَجَدَكَ
عَائِلاً فَأَغْنَى (٨) فَأَمَّا الْيَتِيمَ
فَلَا تَقْهَرْ (٩) وَأَمَّا
السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (١٠) وَأَمَّا
بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (١١)
الشكر
على كل هذه النعم الإلهية : ذكرنا أنّ هدف هذه السورة المباركة تسلية قلب النبي صلىاللهعليهوآله وبيان الطاف الله التي شملته ، وهذه الآيات المذكورة
أعلاه تجسد للنبي ثلاث هبات من الهبات الخاصّة التي أنعم الله بها على النبي ، ثم
تأمره بثلاثة أوامر.
__________________