بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (٣) تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً (٤) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) (٧)
المتعبون ... الأخسرون : تبتدأ السورة بذكر اسم جديد ليوم القيامة : (هَلْ أَتَيكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ). الغاشية : من الغشاوة وهي التغطية ، وسمّيت القيامة بذلك لأنّ حوادثها الرهيبة ستغطي فجاءة كل شيء.
وتصف الآيات التالية ، حال المجرمين في يوم القيامة ، فتقول أوّلاً : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ).
لا شك أنّ الوضع النفسي والروحي ، تنعكس آثاره على وجه صاحبه ، لذا فسترى تلك الوجوه وقد علتها علائم الخسران والخشوع لما أصابها من ذلّ وخوف ووحشة وهم بانتظار ما سيحل بهم من عذاب مهين أليم.
وتصف حال تلك الوجوه ثانياً : (عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ).
فكل ما سعوا وكدوا فيه في الحياة الدنيا سوف لا يجنون منه إلّاالتعب والنصب ، وذلك : لأنّ أعمالهم غير مقبولة عند الله ، وما جمعوه من أموال وثروات قد ذهبت لغيرهم ، ولا يملكون من ذكر صالح يعقبهم في الدنيا ولا ولد صالح يدعو ويستغفر الله لهم.
وخاتمة مطاف تلك الوجوه التعبة الذليلة أن : (تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً).
ولن يقف عذابهم عند هذا الحد ، بل أنّهم وبسبب حرارة النيران يصيبهم العطش الشديد وحينئذٍ : (تُسْقَى مِنْ عَيْنٍءَانِيَةٍ).
«آنية : مؤنث آني من الأني وهو التأخير ، ويستعمل لما يقرب وقته ، وجاء في الآية بمعنى : الماء الحارق الذي بلغ أقصى درجة حرارته ؛ وجاء في الآية (٢٩) من سورة الكهف : (وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِى الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا).
وتحكي لنا الآية التالية عن طعام المجرمين : (لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ).
جاء في الحديث النبوي الشريف : الضريع شيء يكون في النار يشبه الشوك ، أشدّ مرارة