علة الملائكة الموكلين بعباده يكتبون عليهم ولهم والله عالم السر وما هو أخفى؟
قال : استعبدهم بذلك ، وجعلهم شهوداً على خلقه ، ليكون العباد لملازمتهم إيّاهم أشدّ على طاعة الله مواظبة ، وعن معصيته أشدّ انقباضاً ، وكم من عبد يهم بمعصية فذكر مكانهما فارعوى وكفّ ، فيقول ربّي يراني ، وحفظتي عليّ بذلك تشهد ، وأنّ الله برأفته ولطفه أيضاً وكّلهم بعباده ، يذبّون عنهم مردة الشيطان ، وهوام الأرض ، وآفات كثيرة من حيث لا يرون بإذن الله ، إلى أن يجيء أمر الله.
ويستفاد من هذه الرواية أنّ للملائكة وظائف اخرى إضافة لتسجيلهم لأعمال الإنسان كحفظ الإنسان من الحوادث والآفات ووساوس الشيطان.
(إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (١٥) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (١٦) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٨) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) (١٩)
بعد ذكر الآيات السابقة لتسجيل أعمال الإنسان من قبل الملائكة ، تأتي الآيات أعلاه لتتطرق إلى نتائج تلك الرقابة ، وما سيصل إليه كل من المحسن والمسيء من عاقبة ، فتقول الآية الاولى : (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِى نَعِيمٍ).
والثانية : (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِى جَحِيمٍ).
«الأبرار : جمع (بار) وبَرّ على وزن (حق) ، بمعنى : المحسن ؛ والبِرّ بكسر الباء ـ كل عمل صالح ... والآية تريد العقائد السليمة ، والنيات والأعمال الصالحة.
«نعيم : وهي مفرد بمعنى النعمة ، ويراد به هنا الجنة.
«الفجّار : جمع (فاجر) من (فجر) ، وهو الشقّ الواسع ، والفجور : شقّ ستر الديانة والعفة ، والسير في طريق الذنوب.
«جحيم : من الجحمة ، وهي تأجج النار ، وتطلق الآيات القرآنية (الجحيم) على جهنم عادة.
ويمكن أن يراد بقوله تعالى : (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِى نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِى جَحِيمٍ). الحال الحاضر ، أيّ : إنّ الأبرار يعيشون في نعيم الجنة حاليّاً ، وإنّ الفجّار قابعون في أودية النار ، كما