بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (١) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (٢) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (٤) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) (٥)
عندما يحلّ الحدث المروع : تقدم لنا الآيات ـ مرّة اخرى ـ مشاهداً مروعة من يوم القيامة ، فتخبر عن تفطّر السماء من هول الكارثة : (إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ).
ثم تنتقل إلى ما سيصيب الكواكب ونظامها : (وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ).
فسينهدم العالم العلوي ، وستحدث الإنفجارات العظيمة المهيبة في كل النجوم السماوية ، وسيتخلخل نظام المنظومات الشمسية ، فتخرج النجوم من مساراتها لتصطدم الواحدة بالاخرى وتتلاشى فينتهي عمر العالم ويتناثر كل شيء ليُبنى على أنقاضه عالم جديد آخر.
«انفطرت : من الإنفطار ، بمعنى الإنشقاق.
«انتثرت : من النثر على وزن (نصر) ، بمعنى نشر الشيء وتفريقه ، والإنتثار : هو الإنتشار والتفرق. وباعتبار أنّ انتشار النجوم يؤدي إلى تفرقها في السماء (كحبات العقد المنفرط) فقد فسّرها الكثير من المفسرين ب (سقوط النجوم) ، وهو من لوازم معنى الإنتثار.
«الكواكب : جمع (كوكب) ، وله معان كثيرة ولكن أنّ المعنى الحقيقي هو (النجم المتلأليء) ، وما دون ذلك معان مجازية استعملت لعلاقة المشابهة.
إنّ هذه الامور تهدف إلى تعريف الإنسان بما سيحدث بالمستقبل الآت ، وتدعوه لخلاص نفسه من أهوالها ، وهو الكائن الضعيف وسط تلك الحوادث الجسام.
وينتقل البيان القرآني من السماء إلى الأرض ، فيقول : (وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ). أي اتصلت.
مع أنّ البحار متصلة فيما بينها قبل حلول ذلك اليوم (ما عدا البحيرات) ، لكن اتصالها سيكون بشكل آخر ، حيث ستفيض جميعها وتتمزق حدودها وتصير بحراً واحداً لتشمل كل الأرض ، بسبب الزلازل المرعبة وتحطم الجبال وسقوطها في البحار ... هذا أحد تفاسير الآية (٦) من سورة التكوير (الآنفة الذكر) : (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجّرَتْ).
وتتناول الآية التالية عرضاً لمرحلة القيامة الثانية ، مرحلة تجديد الحياة وإحياء الموتى ، فتقول : (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) ... واخرج الموتى للحساب.