وتأتي الآية
التالية لتنقلنا من عالم الأرض إلى عالم السماء حين تقول : (وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا
شِدَادًا).
قد يراد من
العدد المذكور بالآية الكثرة ، للإشارة إلى كثرة الأجرام السماوية والمنظومات
الشمسية والمجرات والعوالم الواسعة لهذا الوجود ، والتي تتمتع بخلق محكم وبناء
رصين لا خلل فيه ... ويمكن أن يراد منه العدد ، للإشارة إلى أنّ الكواكب وما يبدو
لنا منها إنّما تعود إلى السماء الاولى ، كما أشارت الآية (٦) من سورة الصّافات
إلى ذلك : (إِنَّا زَيَّنَّا
السَّمَاءَ بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ). وثمّة سماوات ستة وعوالم اخرى وراء السماء الاولى
الدنيا خارجة عن حدود معرفتنا.
وبعد أن أشار
القرآن إجمالاً إلى السماوات ، يشير إلى نعمة الشمس ، فيقول : (وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا).
«الوهّاج : من
الوهج ، بمعنى النور والحرارة التي تصدر من النار.
وإطلاق هذه
الصفة على الشمس ، للإشارة إلى نعمتين كبيرتين وهما : (النور) و (الحرارة) ويتفرع
عنهما نعم وعطايا كثيرة يزخر بها عالمنا.
ولا تتحدد
فوائد نور الشمس بإضاءة الدنيا للإنسان ، بل لها أثر كبير في نمو سائر الكائنات
الحيّة.
وإضافة لكل ما
تقدم ، فلحرارة الشمس أثر أساس في : تكوّن الغيوم ، حركة الهواء ، نزول الأمطار ،
وسقي الأراضي اليابسة.
ولأشعة الشمس
كذلك الأثر البالغ في مكافحة الجراثيم ، لاحتوائها على الأشعة ما وراء الحمراء
التي تقتل الجراثيم.
وأشعة الشمس في
واقعها : نور صحي مجاني دائمي ، يصلنا بكيفية لا هي بالشديدة المحرقة ، ولا هي
بالقليلة العديمة التأثير.
وبعد ذكر نعمة
النور والحرارة يتناول القرآن نعمة حياتية اخرى لها إرتباط بأشعة الشمس ، ويقول : (وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً
ثَجَّاجًا).
«المعصرات :
جمع معصر ، من العصر بمعنى الضغط .. والكلمة تشير إلى أنّ الغيوم تقوم بعملية
وكأنّها تعصر نفسها عصراً لكي ينهمر منها الماء على شكل أمطار.
«الثجاج : من
الثج ، بمعنى سيلان الماء بكمية كبيرة ، وثجاج صيغة مبالغة ، ويراد بها هنا غزارة
الأمطار المنهمرة نتيجة العصر الحاصل للغيوم.