يقول تعالى في البداية : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِم).
ثم يضيف تعالى : (مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ). فهم ليسوا أعوانكم في المصاعب والمشاكل ، ولا أصدقاءكم وممّن يكنون لكم الودّ والإخلاص ، إنّهم منافقون يغيّرون وجوههم كل يوم ويظهرون كل لحظة لكم بصورة جديدة.
ويضيف ـ أيضاً ـ واستمراراً لهذا الحديث أنّ هؤلاء ومن أجل إثبات وفاءهم لكم فإنّهم يقسمون بالأيمان المغلّظة : (وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
وهذه طريقة المنافقين ، فيقومون بتغطية أعمالهم المنفّرة ووجوههم القبيحة بواسطة الأيمان الكاذبة والحلف الباطل ، في الوقت الذي تكون أعمالهم خير كاشف لحقيقتهم.
ثم يشير تعالى إلى العذاب المؤلم لهؤلاء المنافقين المصرّين على الباطل والمعاندين للحقّ ، حيث يقول تعالى : (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا). وبدون شك فإنّ هذا العذاب عادل وذلك : (إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
ثم للتوضيح الأكثر حول بيان سمات وصفات المنافقين يقول سبحانه : (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ).
يحلفون أنّهم مسلمون وليس لهم هدف سوى الإصلاح ، في حين أنّهم منهمكون بفسادهم وتخريبهم ومؤامراتهم ... وفي الحقيقة فإنّهم يستفيدون من الاسم المقدس لله للصدّ والمنع عن سبيل الله تعالى ...
ويضيف تعالى في النهاية : (فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ). أي مذلّ.
إنّهم أرادوا بحلفهم الكاذب تحسين سمعتهم وتجميل صورتهم ، إلّاأنّ الله سيبتليهم بعذاب أليم مذلّ.
ولأنّ المنافقين يعتمدون في الغالب على أموالهم وأولادهم وهما (القوة الاقتصادية والقوة البشرية) في تحقيق مآربهم وحلّ مشاكلهم ، فإنّ القرآن الكريم يشير إلى هذا المعنى بقوله تعالى : (لَّن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلدُهُم مّنَ اللهِ شَيْئًا).
وهذه الأموال ستصبح لعنة عليهم وطوقاً في أعناقهم وسبباً لعذابهم المؤلم ، كما يوضّح الله سبحانه ذلك في الآية (١٨٠) من سورة آل عمران : (سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيمَةِ).
وفي ذيل الآية يهدّدهم ويقول : (أُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
والعجيب أنّ المنافقين لا يتخلّون عن نفاقهم حتى في يوم القيامة أيضاً ، كما يوضّح الله