ثابت بن قيس بن شماس ، وقد سبقوا في المجلس. فقاموا حيال النبي صلىاللهعليهوآله فقالوا : السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته ، فردّ عليهم النبي صلىاللهعليهوآله. ثم سلّموا على القوم بعد ذلك ، فردّوا عليهم ، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسّع لهم ، فلم يفسحوا لهم. فشقّ ذلك على النبي صلىاللهعليهوآله ، فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل بدر : قم يا فلان ، قم يا فلان ، بقدر النفر الذين كانوا بين يديه من أهل بدر. فشقّ ذلك على من اقيم من مجلسه ، وعرف الكراهية في وجوههم. وقال المنافقون للمسلمين : ألستم تزعمون أنّ صاحبكم يعدل بين الناس ، فوالله ما عدل على هؤلاء أنّ قوماً أخذوا مجالسهم وأحبّوا القرب من نبيّهم ، فأقامهم وأجلس من أبطأ عنهم مقامهم! فنزلت الآية.
التّفسير
إحترام أهل السابقة والإيمان : تعقيباً على الموضوع الذي جاء في الروايات السابقة حول ترك (النجوى) في المجالس ، يتحدث القرآن عن أدب آخر من آداب المجالس حيث يقول سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِى الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ).
جملة (يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) لها مفهوماً واسعاً ، وتشمل كل سعة إلهية ، سواء كانت في الجنة أو في الدنيا أو في الروح والفكر أو في العمر والحياة ، أو في المال والرزق.
وبما أنّ المجالس تكون مزدحمة أحياناً بحيث إنّه يتعذّر الدخول إلى المجلس في حالة عدم التفسّح أو القيام ، وإذا وجد مكان فإنّه غير متناسب مع مقام القادمين واستمراراً لهذا البحث ، يقول تعالى : (وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا). أي إذا قيل لكم قوموا فقوموا.
ولا ينبغي أن تضجروا أو تسأموا من الوقوف ، لأنّ القادمين أحياناً يكونون أحوج إلى الجلوس من الجالسين في المجلس ، وذلك لشدّة التعب أو الكهولة أو للإحترام الخاص لهم ، وأسباب اخرى.
ثم يتطرق سبحانه إلى الجزاء والأجر الذي يكون من نصيب المؤمنين إذا التزموا بالأمر الإلهي ، حيث يقول عزوجل : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَءَامَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).
وذلك إشارة إلى أنّ الرسول صلىاللهعليهوآله إذا أمر البعض بالقيام وإعطاء أماكنهم للقادمين ، فإنّه لهدف إلهي مقدس ، وإحتراماً للسابقين في العلم والإيمان.
وبما أنّ البعض يؤدّي هذه التعليمات ويلتزم بهذه الآداب عن طيب نفس ورغبة ، والآخرون يؤدّونها عن كراهية أو للرياء ، والتظاهر ... فيضيف تعالى في نهاية الآية : (وَاللهُ