بآية : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) (١) فيقتل الحرّ بالعبد والذكر بالأنثى. (٢) وردّ بأنه حكاية ما في التّوراة ، وبمنع عمومه ، وبأولويّة التّخصيص. هذا على القول بمفهومها ، وأمّا على قولنا من عدم اعتبار المفهوم فلا حاجة إلى النّسخ (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ) : ترك له (مِنْ أَخِيهِ) من دم أخيه المقتول (شَيْءٌ) وضميرا «له» و «أخيه» ل «من» وهو : القائل ، وقيل : أراد بالأخ وليّ الدم ، (٣) سمّي أخاه ليعطف عليه بالعفو أو قبول الدية.
واحتجّ الطبرسي بقوله : «شيء» على سقوط القود بعفو بعض الأولياء. (٤) ولا يعلم له موافق من الأصحاب ، والمشهور بينهم خلافه ، فجوّزوا القود للبعض لكن يؤدي حصص الرّاضين بالدّية إليهم ، وبالعفو الى الوليّ ، والأخبار في ذلك مختلفة.
وقيل المعنى : «فمن عفي له من جهة أخيه شيء من العفو» لأنّ عفا الشيء ـ بمعنى : تركه ـ لم يثبت ، بل أعفاه ، فيكون إشارة إلى أنّ بعض العفو كالعفو التّام في إسقاط القود (٥) (فَاتِّباعٌ) فعلى العافي إتّباع (بِالْمَعْرُوفِ) أي : لا يشدّد في الطّلب (وَأَداءٌ) أي : على المعفوّ عنه أداء (إِلَيْهِ) : إلى الوليّ (بِإِحْسانٍ) : الدّفع ـ مع القدرة ـ بلا مطل (ذلِكَ) إشارة إلى جميع ما تقدّم (تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ) إذ خيّركم بين القصاص والدّية والعفو. وكان على اليهود : القصاص ـ فقط ـ ، وعلى النّصارى : العفو أو الدّية (فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ) قتل بعد قبول الدّية ، أو العفو ـ وهو المرويّ عن الصّادقين عليهماالسلام ـ (٦) وقيل : قتل غير قاتله (٧) (فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) في الآخرة أو في الدّنيا بالقصاص.
__________________
(١) وهي الآية ٤٥ من سورة المائدة.
(٢) كنز العرفان ٢ : ٣٥٥.
(٣ ـ ٤) تفسير مجمع البيان ١ : ٢٦٥.
(٥) ذكر هذا البيضاوي في تفسيره ١ : ٢١٤.
(٦) تفسير العياشي ١ : ٧٦ الحديث ١٦٢ وتفسير مجمع البيان ١ : ٢٦٦.
(٧) نقله الطبرسي في تفسير مجمع البيان ١ : ١٥٨.