لقلقه (١) (وَإِنْ كانَتْ) التحويلة أو القبلة ـ و «إن» مخفّفة من الثقيلة ـ (لَكَبِيرَةً) ثقيلة ، واللام فارقة (٢) (إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ) بلطفه الى وجه الحكمة الثابتين على إتّباع الرّسول (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) ثباتكم على الإيمان ، أو : إيمانكم بالقبلة المنسوخة ، أو : صلاتكم إليها.
قيل : لمّا حوّلت القبلة قالوا : كيف بأعمالنا الّتي قبل التّحويل ، أو كيف بمن مات قبل ذلك من إخواننا ، فنزلت (٣) (إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) لا يضيع أجورهم ، ولا يترك مصالحهم.
والرأفة أشدّ الرّحمة ومدّ «ابن كثير» و «نافع» و «ابن عامر» و «حفص» : لرءوف» ، وقصره الباقون. (٤)
[١٤٤] ـ (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ) تردده (فِي السَّماءِ) في جهتيها ترقّبا للوحي. كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يتوقّع أن يحوّله ربّه الى الكعبة لأنّها قبلة أبيه ابراهيم ، وأدعى للعرب الى اتّباعه ، ولمخالفة اليهود (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً) أي نمكّنك منها ، أو نجعلك تلي سمتها (تَرْضاها) تحبّها لأغراض صحيحة وافقت حكمة الله تعالى (فَوَلِّ وَجْهَكَ) اجعل توليته (شَطْرَ الْمَسْجِدِ) نحوه (الْحَرامِ) : المحرّم فيه القتال والممنوع عن تعرّض الظلمة. والتعبير ب «الشّطر» ، و «المسجد» دون «البيت» يفيد : أنّ البعيد يكفيه مراعاة الجهة لا البيت ـ كما هو للقريب ـ.
روي : أنه صلىاللهعليهوآله صلى لبيت المقدس ثلاثة عشر شهرا ، ستّة بمكّة وسبعة بالمدينة ، فقالت اليهود : تبع قبلتنا فاغتمّ وانتظر الوحي ، فأتاه جبرئيل وقد صلى من
__________________
(١) القلق : المضطرب والمنزعج والغير المستقر على الرأى.
(٢) اي : اللام هي لام الابتداء تدخل على خبر «ان» المخففة فتفيد الفرق بينها وبين ان النافية.
(٣) تفسير التبيان ٢ : ١١ وتفسير مجمع البيان ١ : ٢٢٥.
(٤) حجة القراءات : ١١٦.