الظّهر ركعتين في مسجد «بني سلمة» فأخذ بعضديه وحوّله الى الكعبة ، وأنزل عليه الآية ، وتحوّل الرّجال مكان النّساء وبالعكس ، فأتمّ الصلاة فسمّي «مسجد القبلتين» (١) (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ) في أيّ مكان كنتم (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) خصّ الرّسول بالخطاب ثم عمّم تصريحا بعموم الحكم (وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ) أنّ التحويل إلى الكعبة (الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) إذ في كتبهم أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم يصلّي الى القبلتين (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) وعد ووعيد للحزبين. وقرأ «ابن عامر» و «حمزة» و «الكسائي» بالتاء. (٢)
[١٤٥] ـ (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ) : حجة على أحقيّة قبلتك. و «اللام» موطئة للقسم ، وجوابه : (ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ) وسدّ مسدّ جواب الشّرط ، أي :لم يتركوا اتباعك لشبهة تدفعها بالحجّة ، وانّما تركوه عنادا (وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ) حسم (٣) لطمعهم إذ قالوا : لو ثبتّ على ديننا رجونا أن تكون صاحبنا الذي ننتظره ؛ طمعا في رجوعه (وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ) فإنّ اليهود تستقبل الصّخرة ، والنّصارى : المشرق ، وكلّ ثابت على قبلته لا يرجى توافقهم كما لا يرجى موافقتهم لك (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) فرضا (مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ) بالوحي (مِنَ الْعِلْمِ) : بيان الحق (إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) أكّد الوعيد له لطفا للسّامعين ، وتحذيرا عن اتّباع الهوى ، وتحريضا على الثبات على الحقّ.
[١٤٦] ـ (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) أي : علماءهم (يَعْرِفُونَهُ) أي : محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم بأوصافه (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) لا يشتبهون عليهم بغيرهم. أو الضّمير للعلم ، أو القرآن ، أو تحويل القبلة (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)
__________________
(١) انظر خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى : ٣٩٢.
(٢) حجة القراءات : ١١٦.
(٣) حسم الشيء : قطعه.