(ما وَلَّاهُمْ) : صرفهم (عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها) أي : بيت المقدس (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) أي : الأرض ـ كلّها ـ (يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وهو ما توجبه الحكمة والمصلحة من توجيههم تارة إلى بيت المقدس ، وأخرى إلى الكعبة.
[١٤٣] ـ (وَكَذلِكَ) أي : كما جعلنا كم مهتدين (جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) عدولا أو خيارا.
قال الباقر عليهالسلام : «نحن الامّة الوسط ، ونحن شهداء الله على خلقه ، وحجته في أرضه». (١)
وعن علي عليهالسلام : إنّ الله تعالى إيّانا عنى بقوله : ...» (٢)
(لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) بأعمالهم المخالفة للحق في الدنيا وفي الآخرة ، أو : حجّة عليهم تبيّنون لهم الحق ، أو تشهدون للأنبياء على أممهم المنكرين لتبليغهم (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) بما عملتم ، أو : حجّة يبيّن لكم. أو : يشهد بعدالتكم.
وعدّيت شهادته لهم ب «على» لأنّه كالرّقيب عليهم (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي) ثاني مفعولي «جعلنا» أي : الجهة التي (كُنْتَ عَلَيْها) وهي بيت المقدس.
يعني : إنّ أصل أمرك أن تستقبل الكعبة ، وما جعلنا قبلتك بيت المقدس ، (إِلَّا لِنَعْلَمَ) نمتحن النّاس فنميّز (مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ) في الصّلاة إليه (مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ) يرتدّ آلفا لقبلة آبائه ، أو ليتعلق علمنا به موجودا أو ليعلم أولياؤه الرّسول والمؤمنون وقيل : المراد : الكعبة ؛ لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يصلّي بمكة إليها ، (٣) ثم امر بالصّلاة إلى بيت المقدس ثم ردّ إليها بعد الهجرة.
والمعنى ما رددناك إلى ما كنت عليها إلّا لنعلم الثابت على دينك ممن يرتدّ
__________________
(١) تفسير العياشي ١ : ٦٢ الحديث ١١٠.
(٢) تفسير مجمع البيان ١ : ٢٢٤.
(٣) تفسير الكشّاف ١ : ٣١٨.