أي بالهدى ، والبيّنات : الحقّ. (فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً) : أي إنّه لم يكن برسول ، فلن يبعث الله من بعده رسولا ، كقول مشركي العرب للنبيّ عليهالسلام : (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) (٦) [الحجر : ٦] ، وكقول فرعون : (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) (٢٧) [الشعراء : ٢٧] أي : فيما يدّعي.
قال : (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ) : أي مشرك (مُرْتابٌ) (٣٤) : أي في شكّ من البعث ، أي : يضلّه الله بشركه وتكذيبه وشكّه.
قوله : (الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ) : أي بغير حجّة أتتهم من الله بعبادة الأوثان (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ) : أي عن عبادة الله (جَبَّارٍ) (٣٥) : أي : قتّال في غير حقّ. وبعضهم يقرؤها : (على قلب كلّ متكبّر جبّار) (١).
ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : اتّقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور الله (٢).
قوله : (وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً) : أي مجلسا في تفسير الحسن. وقال الكلبيّ : قصرا. وقد فسّرنا أمر الصرح في سورة القصص (٣).
قال : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) أَسْبابَ السَّماواتِ) : أي طرق السماوات ، وقال بعضهم : أبواب السماوات. (فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) : الذي يزعم موسى إلها ، (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً) : أي ما في السماء أحد ، أي إنّه تعمّد الكذب.
قال الله : (وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ) : أي عن طريق
__________________
(١) هي قراءة نسبت إلى عبد الله بن مسعود ، وهي قراءة تفسيريّة. وانظر في تنوين (قلب) وإضافته ما ذكره الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٨ ـ ٩ ، وانظر : ابن خالويه ، الحجّة ، ص ٢٨٨ ، والزمخشريّ ، الكشّاف ، ج ٤ ص ١٦٧.
(٢) كذا ورد هذا الحديث هنا ولم أتبيّن وجه المناسبة لذكره في هذا الموضع. ولعلّ النساخ أسقطوا كلاما مناسبا لإيراده بعد هذه الآية. انظر تخريجه فيما سلف ، ج ٢ ، تفسير الآية ١٠٥ من سورة التوبة.
(٣) انظر ما سلف ، ج ٣ ، تفسير الآية ٣٨ من سورة القصص.