تفسير سورة (لَمْ يَكُنِ) ، وهي مكّيّة كلّها(١)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ) أي ومن المشركين (مُنْفَكِّينَ) أي منتهين عن كفرهم (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١) رَسُولٌ مِنَ اللهِ) : يعني محمّدا عليهالسلام (يَتْلُوا صُحُفاً) : يعني القرآن (مُطَهَّرَةً) (٢) : أي من الشرك والكفر ، كقوله تعالى : (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرامٍ بَرَرَةٍ) (١٦) [عبس : ١٣ ـ ١٦] (فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) (٣) : [أي : مستقيمة لا عوج فيها] (٢) ، يعني التي جاءت بها الأنبياء ، وهي من الصحف المطهّرة التي عند الله. ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لأصحابه : أيّ الخلائق أعجب إيمانا؟ قالوا : الملائكة. قال : الملائكة في السماء فما لهم لا يؤمنون. قال : أيّ الخلائق أعجب إيمانا؟ قالوا : النبيّون. قال : النبيّون ينزل عليهم الوحي فما لهم لا يؤمنون. قال : أيّ الخلائق أعجب إيمانا؟ قالوا : أصحابك. قال : أصحابي يرونني ويسمعون كلامي فما لهم لا يؤمنون. قال : أعجب الخلائق إيمانا قوم يأتون من بعدكم فيجدون كتابا في رقّ فيؤمنون به (٣).
ذكروا عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : خير القرون قرني ثمّ الذين يلونهم ، ثمّ الذين يلونهم (٤).
قال عزوجل : (وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) (٤) : أي إلّا من بعد ما جاءهم البيان من الله.
__________________
(١) كذا في ق وع : «وهي مكّيّة كلّها». وهو موافق لما ذكره القرطبيّ وابن الجوزيّ في تفسيريهما من أنّ يحيى بن سلّام ذهب إلى أنّها مكّيّة. وفي ز : «تفسير سورة (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، وهي مدنيّة كلّها». وهذا ما ذهب إليه جمهور المفسّرين.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٣٩٦.
(٣) انظر الإشارة إليه فيما سلف ، ج ١ ، مقدّمة المؤلّف.
(٤) حديث صحيح متّفق عليه ، أخرجه البخاريّ في كتاب الفضائل ، باب فضائل أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وأخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة ، باب فضل الصحابة ثمّ الذين يلونهم ثمّ الذين يلونهم ، (رقم ٢٥٣٥) عن عمران بن حصين بلفظ أطول.