تفسير سورة الحشر ، وهي مدنيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١) : تفسير الحسن قال : (الْعَزِيزُ) : بعزّته ذلّ من دونه. وقال بعضهم : العزيز في نقمته ، الحكيم بأمره.
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) : تفسير الحسن : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمّا أجلى بني النّضير إلى الشام قال : هذا أوّل الحشر ، ونحن على الأثر إن شاء الله (١). يعني أمّته الذين تقوم عليهم الساعة بالشام.
وبعضهم يقول : يبعث الله النار قبل أن تقوم الساعة تطرد الناس إلى الشام ، تنزل معهم إذا نزلوا ، وترحل معهم إذا ارتحلوا. تطردهم إلى الشام ، ثمّ تقوم عليهم الساعة بالشام.
وبعضهم يقول : كان بنو النضير أوّل من أخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم من اليهود.
ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لئن عشت إن شاء الله لأخرجنّ اليهود من جزيرة العرب حتّى لا أدع فيها إلّا مسلما (٢). فقبض قبل أن يفعل.
ذكروا عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبيّ عليهالسلام أنّه أمر أن يخرج اليهود من جزيرة العرب (٣).
قوله تعالى : (ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا) : أي ما ظننتم أن يحكم الله بأن يجلوا إلى الشام. (وَظَنُّوا) : أي اليهود ، يعني بني النضير (أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) : أي لم يكونوا يحتسبون أن يخرجوا من ديارهم ومن حصونهم.
قال تعالى : (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ) : أي يخربونها من
__________________
(١) أخرجه ابن جرير الطبريّ في تفسيره ، ج ٢٨ ص ٢٩ عن الحسن مرسلا ، وانظر : السيوطي ، الدرّ المنثور ، ج ٦ ص ١٨٧.
(٢) انظر تخريجه فيما سلف ، ج ١ ، تفسير الآية ٤٩ من سورة المائدة.
(٣) انظر : صحيح مسلم ، كتاب الجهاد والسير : باب إجلاء اليهود من الحجاز ، (رقم ١٧٦٥ ـ ١٧٦٦).