تفسير سورة (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) (١) : يعني مكّة. و (لا أُقْسِمُ) وأقسم واحد إذا أردت القسم.
قال تعالى : (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) (٢) : يعني مكّة. وهذا حين أحلّت للنبيّ عليهالسلام ساعة من النهار يوم الفتح. قال النبيّ عليهالسلام : إنّما أحلّت لي ساعة من نهار (١). وتفسير الحسن : أي : لا تؤاخذ بما فعلت فيه ، يعني مكّة ، أي : ليس عليك فيه ما على الناس.
قال عزوجل : (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) (٣) : أي : آدم وما ولد. وهذا كلّه قسم من أوّل السورة إلى هذا الموضع.
قال عزوجل : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) (٤) : أي في انتصاب. وقيل : في شدّة ، وذلك أنّ الخلق كلّهم منكبّ إلّا ابن آدم. وقال بعضهم : يكابد الدنيا حتّى يموت ، أي : يكابد عمل الدنيا والآخرة حتّى يموت ، فإن كان مؤمنا كابد أيضا عمل الآخرة.
قال عزوجل : (أَيَحْسَبُ) الإنسان ، وهذا على الاستفهام.
(أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) (٥) : أي أن لن يقدر عليه الله ، ، وهذا المشرك يحسب أن لن يبعثه الله بعد الموت.
قال عزوجل : (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) (٦) : أي : مالا كثيرا ، أي : أتلفت وأكلت مالا كثيرا فمن ذا الذي يحاسبني.
__________________
(١) هذا جزء من حديث صحيح متّفق عليه ، أخرجه البخاريّ في كتاب الحجّ من أبواب العمرة ، باب لا ينفّر صيد الحرم ، عن ابن عبّاس وأبي شريح العدوى في حديث طويل. وأخرجه مسلم في كتاب الحجّ ، باب تحريم مكّة وصيدها وخلاها من أحاديث لابن عبّاس وأبي شريح وأبي هريرة. (رقم ١٣٥٣ ـ ١٣٥٥). وأخرجه الربيع بن حبيب في الجامع الصحيح في كتاب الحجّ ، باب في الكعبة والمسجد والصفا والمروة ، (رقم ٤١٩) ولفظه : «مكّة حرام حرّمها الله تعالى إلى يوم القيامة ، لم تحلّ لأحد قبلي ولا تحلّ لأحد بعدي ، وإنّما أحلّت لي ساعة من نهار ...».