قال عزوجل : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ) : والحنيف في تفسير الحسن : المخلص. وتفسير الكلبيّ : الحنيف : المسلم. قال عزوجل : (وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (٥) : أي دين الملّة المستقيمة بأمر الله (١). رجع إلى قوله : (لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ).
قال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ) : يعني من كفر بما جاء به محمّد عليهالسلام من أهل الكتاب والمشركين (فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) (٦) : أي شرّ الخلق.
قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) (٧) أي خير الخلق. [يحيى عن حمّاد عن أبي الزبير عن أبي هريرة قال : المؤمن أكرم على الله من الملائكة الذين عنده] (٢).
(جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) : أي : لا يموتون ولا يخرجون منها (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) : أي : بأعمالهم (وَرَضُوا عَنْهُ) : أي ورضوا ثوابه (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) (٨).
* * *
__________________
(١) في ق وع : «دين الملائكة القيمة» ، وهو خطأ صوابه ما أثبتّه من ز.
(٢) زيادة من ز. كذا رواه ابن سلّام بهذا السند ولم يرفعه ، وذكره الفخر الرازي في تفسيره ، ج ٣٢ ص ٥١ ـ ٥٢ بلفظ أطول ، عن أبي هريرة مرفوعا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم. كما ذكره الألوسيّ في تفسيره ، ج ١٠ ص ٢٦٤ ـ ٢٦٥ ، فقال : «أخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة مرفوعا : أتعجبون لمنزلة الملائكة من الله تعالى؟ والذي نفسي بيده لمنزلة العبد المؤمن عند الله تعالى يوم القيامة أعظم من منزلة الملك ، واقرأوا إن شئتم (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ). وفي المسألة خلاف قديم ؛ فابن كثير ويحيى بن سلّام يرويان الحديث موقوفا ، والفخر الرازي والألوسيّ يرويانه مرفوعا. ولكنّ الفخر الرازي يضعّف الاستدلال بهذا الحديث على أفضليّة المؤمن على الملك ، والألوسيّ لا يرى ذلك.