تفسير سورة المؤمن (١) ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله : (حم) (١) : ذكروا أنّ عليّا رضي الله عنه قال : (الم) ، (حم) و (ن) : الرحمن. وكان الحسن يقول : لا أدري ما تفسير (حم) و (طسم) وأشباه ذلك ، غير أنّ قوما من السلف كانوا يقولون : أسماء السور وفواتحها.
قال : (تَنْزِيلُ الْكِتابِ) : أي القرآن ، (مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ) في ملكه ، الذي ذلّ من دونه لعزّته. (الْعَلِيمِ) (٢) : بخلقه.
(غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ) : أي التوبة (شَدِيدِ الْعِقابِ) : أي إذا عاقب (٢). (ذِي الطَّوْلِ) : أي ذي الغنى (٣) ، أي : إنّه الغنيّ (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) : أي لا معبود سواه ، ولا ربّ إلّا هو (إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (٣) : أي البعث.
قوله : (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ) : فيجحدها (إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ) : أي إقبالهم وإدبارهم (فِي الْبِلادِ) (٤) : يعني في الدنيا بغير عذاب ، فإنّ الله معذّبهم.
قوله : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ) : أي قبل قومك يا محمّد (قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ) : يعني عادا وثمودا ومن بعدهم ، الذين أخبر بهلاكهم لتكذيبهم رسلهم. (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ) : فيقتلوه. (وَجادَلُوا) : أي وخاصموا (بِالْباطِلِ) : أي بالشرك ، جادلوا به الأنبياء والمؤمنين. (لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ) : أي ليدفعوا به الحقّ ؛ أي : الإيمان (فَأَخَذْتُهُمْ) : أي بالعذاب (فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) (٥) : أي كان شديدا.
__________________
(١) في ع : «سورة المؤمنين» ، وهو خطأ. صوابه : «المؤمن» كما جاءت في كتب التفسير الأولى مثل مجاز أبي عبيدة ومعاني الفرّاء ، ومعاني الأخفش ، وتفسير ابن قتيبة. وهي سورة غافر. وفي بعض المصاحف : «حم المؤمن».
(٢) كذا في ع : «(شديد العقاب) أي : إذا عاقب» ، وفي ز ، ورقة ٣٠١ : «(شديد العقاب) لمن لم يؤمن».
(٣) وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ١٩٤ : (ذِي الطَّوْلِ) ذي التفضّل ، تقول العرب للرجل : إنّه لذو طول على قومه ، أي : ذو فضل عليهم». وقال ابن قتيبة : «الطّول التفضّل ؛ يقال : طل عليّ برحمتك ، أي : تفضّل».