قال الله : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) (٧) : أي أن لم يره الله ، أي : حين أهلك ذلك المال. أي : بلى ، قد علمه الله.
ثمّ قال عزوجل : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ) (٨) : أي ألم يعلم أنّ الله جعل له عينين (وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ) (٩) : أي فالذي جعل ذلك قادر على أن يبعثه فيحاسبه. قال عزوجل : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (١٠) : أي بصّرناه الطريقين : طريق الهدى وطريق الضلالة. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّهما النجدان : نجد الخير ونجد الشرّ فما يجعل نجد الشرّ أحبّ إليكم من نجد الخير (١).
قال عزوجل : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) (١١) : أي لم يقتحم العقبة. [وهذا خبر ، أي : إنّه لم يفعل] (٢). قال الحسن : عقبة الله شديدة ؛ يريد الرجل أن يحاسب (٣) نفسه وهواه وعدوّه الشيطان. قال الكلبيّ : هي عقبة على جسر جهنّم ، من أعتق رقبة مؤمنة وهو مؤمن جازها.
ثمّ قال عزوجل : (وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ) (١٢) : يقول للنبيّ عليهالسلام : (وَما أَدْراكَ) على الاستفهام ، يعني أنّك لم تكن تدري حتّى أعلمتك ما العقبة.
(فَكُّ رَقَبَةٍ) (١٣) : أي عتق رقبة من الرّقّ. وهي تقرأ (فَكُّ رَقَبَةٍ) [بالرفع وبالنصب ؛ فمن قرأها بالرفع : (فَكُّ) فعلى أنّه مصدر ، ومن قرأها بالفتح فعلى أنّه فعل ماض] (٤) قال الحسن : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من اعتق رقبة مؤمنة فهو فكاكه من النار (٥).
__________________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم عن أنس ، وأخرجه الطبرانيّ عن أبي أمامة ، وأخرجه ابن جرير الطبريّ في تفسيره ، ج ٣٠ ص ٢٠٠ ـ ٢٠١ من طرق عن الحسن وعن قتادة مرسلا.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٣٩٣.
(٣) كذا في ق وع : «يحاسب» ولعلّ صوابه : «يحارب».
(٤) زيادة لا بدّ منها للإيضاح ، وانظر ابن خالويه ، الحجّة ص ٣٤٣ ، وإعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم ، ص ٩١.
(٥) حديث صحيح أخرجه ابن ماجه في كتاب العتق ؛ باب العتق عن كعب بن مرّة (رقم ٢٥٢٢) ، وأخرجه البخاريّ ومسلم وغيرهما ؛ أخرجه مسلم في كتاب العتق ، باب فضل العتق ، عن أبي هريرة (رقم ١٥٠٩) بلفظ «من اعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكلّ عضو منه عضوا من النار» ، وفي رواية : «بكلّ إرب منها إربا من النار». وأخرجه أحمد والنسائيّ وأبو داود عن عمرو بن عنبسة بلفظ : «من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار».