عن كعب قال : هو جبل في جهنّم يصعده الكافر إلى أعلاه ، فإذا بلغ أعلاه ردّ حتّى يبلغ إلى أسفله ، ثمّ يصعد إلى أعلاه ، ثمّ ينزل إلى أسفله.
قال تعالى : (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) (١٩) : أي فلعن كيف قدّر. (ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠) ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ) (٢٢) : أي كلح (ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ) (٢٣) فقال (إِنْ هذا) : أي القرآن (إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) (٢٥).
تفسير الكلبيّ أنّ الوليد بن المغيرة قال لقريش : إنّ أمر هذا الرجل ، يعني النبيّ عليهالسلام ، قد فشا ، وقد حضر الموسم. وإنّ الناس سيسألونكم عنه فما تردّون؟ قالوا : نقول : إنّه مجنون. قال : إذن والله يستنطقونه فيجدونه فصيحا عاقلا فيكذّبونكم. قالوا : فلنخبرهم أنّه كاهن [فقال : إذن والله يلقونه فيخبرهم بما لا يخبرهم به الكاهن. قالوا : فنخبرهم أنّه شاعر] (١). قال : فإنّهم يعرفون الشعر ويروونه ، فلا يسمعون شيئا يشبه الشعر.
ثمّ انصرف إلى بيته فقالت قريش : صبا والله الوليد ، وايم الله لئن صبا (٢) الوليد لتصبونّ قريش كلّها. فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه. فانطلق أبو جهل فجلس إليه وهو كهيئة الحزين. فقال له : ما يحزنك يا ابن أخي. فقال : وما لي لا أحزن ، وهذه قريش تجمع لك نفقة ليعينوك بها على كبرك وزمانتك. قال : أو لست أكثر منهم مالا وولدا؟ قال : فإنّهم يقولون : إنّك قلت الذي قلت لتصيب من فضول طعام محمّد وأصحابه. فقال : والله ما يشبعون من الطعام ، فأيّ فضل يكون عندهم. ولكنّي أكثرت حديث نفسي (٣) فإذا الذي يقول سحر وقول بشر.
ذكروا عن سعيد بن المسيّب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : الفتنة تلقح بالنجوى ، وتولد بالشكوى ، فلا توقظوها إذا رقدت ، ولا تثيروها إذا هي اجتمّت. قال : الفتنة راتعة في بلاد الله تطأ في خطامها حتّى يأذن الله لها فيها. فإذا أذن الله لها فويل لمن أخذ بخطامها. من طلب الفتنة ذهب بقاؤه ، وقلّ نماؤه ، وكانت النار مأواه. ألا ففرّوا من الفتنة كما تفرّ الوحوش بأولادها. ألا فالحذر الحذر ، فإنّه لن ينجو من الفتنة إلّا من صانع الذلّ ، ولأن يقال لك ذليل ضعيف خير من أن يقال
__________________
(١) سقط ما بين المعقوفين من ع وق فأثبتّه من ز ، حتّى يستقيم معنى الحوار.
(٢) صبا بالمدّ لغة في صبأ بالهمز يصبأ صبأ وصبوءا ، أي : خرج من دين إلى دين.
(٣) كذا في ق وع ، وفي ز ورقة ٣٧٨ : «أكثرت الحديث فيه».