قال تعالى : (أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ) (٣٨) لقول أحدهم : (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى) [فصّلت : ٥٠] أي : الجنّة. إن كانت جنّة كما تقولون. قال الله عزوجل : (كَلَّا) : أي ليسوا من أهل الجنّة ثمّ قال : (إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ) (٣٩) : أي من النطفة. قال تعالى : (فَلا أُقْسِمُ) : (لا أقسم) وأقسم واحد ، وهو قسم كلّه (بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) : أقسم الله بنفسه. قال بعضهم : للشمس ثلاثمائة وستّون مشرقا وثلاثمائة وستّون مغربا. قال : (إِنَّا لَقادِرُونَ (٤٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ) : أي على أن نهلكهم بالعذاب ونبدّل خيرا منهم ، أي آدميّين أطوع لله منهم ، (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) (٤١) أي بمغلوبين على ذلك إن أردناه.
قال تعالى : (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا) : أي في كفرهم (وَيَلْعَبُوا) فقد أقمت عليهم الحجّة. (حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) (٤٢) : يعني يوم القيامة. ثمّ أمر بقتالهم.
وكلّ شيء في القرآن : (فذر) ، و (أعرض) منسوخ ، نسخة القتال.
قوله تعالى : (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً) : أي : من القبور سراعا يخرجون من قبورهم سراعا إلى المنادي صاحب الصور إلى بيت المقدس. قال تعالى : (كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) (٤٣) : قال الحسن : (يُوفِضُونَ) : يبتدرون نصبهم ، أي يستلمه أوّلا ؛ يعني الصنم ، وهي تقرأ على وجهين : (نصب) و (نُصُبٍ) ، فمن قرأها (نُصُبٍ) فهو يعني جماعة الجماعة من النّصب ، وهو أعلام على وجه القراءتين (١).
قال تعالى : (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ) : أي ذليلة فهي لا تطرف. (تَرْهَقُهُمْ) : [أي : تغشاهم] (٢) (ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) (٤٤) في الدنيا ، وهو يوم القيامة.
__________________
ـ الجماعات المتميّزة بعضها عن بعض.
(١) والنصب ، بضمّتين ، واحد وجمع : حجر ينصب ويذبح عنده ، وقيل : هو كلّ ما نصب فعبد من دون الله. انظر اللسان : (نصب). وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ١٨٦ : «قرأ الأعمش وعاصم (إِلى نُصُبٍ) إلى شيء منصوب يستبقون إليه. وقرأ زيد بن ثابت : (إلى نصب يوفضون) فكان النصب الآلهة التي كانت تعبد من دون الله ، وكلّ صواب ، وهو واحد ، والجمع أنصاب».
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٣٧٣.